فإن أهل المدينة اعتادوا الكيل لمكان النخل وأهل مكة الوزن لمكان متاجرهم ، ولأنه صلىاللهعليهوسلم قضى في ناقة البراء بن عازب لما أفسدت حائطا أن على أهل الحوائط حفظها نهارا وعلى أهل الماشية حفظها ليلا (١). وهو ظاهر في اعتبار العادة.
وأما قوله صلىاللهعليهوآله من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٢) ، فيحتمل أن يقال : المراد ما عليه المسلمون ، وهو يشمل ما هم عليه من حيث الشرع أو العادة ، أو يقال : اعتبار العوائد حيث هو عن أمره فعليه أمره.
( الخامس ) نفي الضرر ، مستنده قوله صلىاللهعليهوآله في خبر أبي سعيد لا ضرر ولا ضرار (٣) بكسر الضاد وحذف الهمزة ، أسنده ابن ماجه والدار قطني وصححه الحاكم في المستدرك وفسرا بوجوه :
أ ـ ما كان من فعل واحد فهو ضرر ومن اثنين فهو ضرار ، لأنه فعال من المضارة الصادرة من اثنين ، وإن كان مضارة الثاني غير منهي عنها لوقوعها مجازاة. وسماها ضرارا تبعا للصورة ، كقوله تعالى « وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها » (٤).
أو نقول : الثاني منهي عنه أيضا ، لأنه عدول عن طريق العفو والإحسان كما قال صلىاللهعليهوآله أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك (٥).
ب ـ إن الضرار ما يتضرر به صاحبك ولا تنتفع به ، والضرر ما تضره به
__________________
(١) راجع الكافي ٥ / ٣٠١ ، التهذيب ٧ / ٢٢٤.
(٢) الجامع الصغير : ١٧٦.
(٣) الكافي ٥ / ٢٩٢.
(٤) سورة الشورى : ٤٠.
(٥) الجامع الصغير : ١٤٣.