وأما غاية الثواب والعقاب فقد قطع الأصحاب بكون العبادة تفسد (١) بقصدهما ، وكذا ينبغي أن يكون غاية الحياء والشكر وباقي الغايات [ الظاهر ] أن قصدها مجز ، لأن الغرض بها الله في الجملة.
ولا يقدح كون تلك الغايات باعثة على العبادة ـ أعني الطمع والرجاء والشكر والحياء ـ لأن الكتاب والسنة مشتملة على المرهبات من الحدود والتعزيرات والذم والإيعاد بالعقوبات ، وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل والجنة ونعيمها في الأجل.
وأما الحياء فغرض مقصود ، وقد جاء في الخبر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم استحيوا من الله حق الحياء (٢) ، أعبد الله كأنك تراه فإن لم تك تراه فإنه يراك (٣). فإنه إذا تخيل الرؤية انبعث على الحياء والتعظيم والمهابة.
وعن أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد قال له ذعلب اليماني ـ بالذال المعجمة المكسورة والعين المهملة الساكنة واللام المكسورة ـ هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليهالسلام : أفأعبد ما لا أرى. فقال : وكيف تراه؟ فقال لا تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان ، قريب من الأشياء من غير ملامس ، بعيد منها غير مباين ، متكلم بلا رؤية ، مريد لا بهمة (٤)
__________________
(١) في ص : فقد جزم الأصحاب بكون العبادة فاسدة.
(٢) الأمالي : ٣٦٦ ، البحار ٧١ / ٣٣٣. تمام الحديث قالوا وما نفعل يا رسول الله؟ قال : فإن كنتم فاعلين فلا يبيتن أحدكم إلا وأجله بين عينيه ، وليحفظ الرأس وما حوى والبطن وما وعى وليذكر القبر والبلى ، ومن أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا.
(٣) روضة المتقين ١٣ / ١٣ وفيه قيل : يا رسول الله ما الإحسان؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه ـ إلخ.
(٤) في ص : مريد بلا همة.