صانع لا بجارحة ، لطيف لا يوصف بالخفاء [ كبير لا يوصف بالجفاء ] (١) بصير لا يوصف بالحاسة رحيم لا يوصف بالرقة ، تعنو (٢) الوجوه لعظمته وتجل (٣) القلوب من مخافته (٤).
وقد اشتمل هذا الكلام الشريف على أصول صفات الجلال والإكرام التي عليها مدار علم الكلام ، وأفاد أن العبادة تابعة للرؤية وتفسير معنى الرؤية ، وأفاد الإشارة إلى أن قصد التعظيم بالعبادة حسن وإن لم يكن تمام الغاية ، وكذلك الخوف منه تعالى.
( الثالثة ) لما كان الركن الأعظم في النية هو الإخلاص وكان انضمام تلك الأربعة غير قادح فيه ، فخليق أن يذكر ضمائم أخر ، وهي أقسام :
١ ـ ما يكون منافيا له كضم الرياء ، وتوصف بسببه العبادة بالبطلان ، بمعنى عدم استحقاق الثواب. وهل يقع مجزيا بمعنى سقوط التعبد به والخلاص من العقاب؟ الأصح أنه لا يقع مجزيا ، ولم أعلم فيه خلافا إلا من السيد الإمام المرتضى قدس الله لطيفه ، فإن ظاهره الحكم بالإجزاء في العبادة المنوي بها الرياء.
٢ ـ ما يكون من الضمائم لازما للفعل ، كضم التبرد والتسخن أو التنظيف إلى نية القربة. وفيه وجهان ينظران إلى عدم تحقق معنى الإخلاص فلا يكون الفعل مجزيا وإلى أنه حاصل لا محالة ، فنيته كتحصيل الحاصل الذي لا فائدة فيه.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في ص.
(٢) عنا عنوا من باب قعد : خضع وذل.
(٣) وجل يجل : خاف. في شرح النهج لابن أبي الحديد « وتجب القلوب » أي تخفق وأصله من وجب الحائط : سقط.
(٤) شرح النهج لابن أبي الحديد ١٠ / ٦٤ ، توحيد الصدوق : ٣٠٤ مع اختلاف بينهما.