العبادة كالوضوء والغسل ـ فإنه كما يقع كل منهما عبادة يقع عادة ، كالتنظيف والتبرد والتداوي ، وتارة لتمييز أفراد العبادة كالفرض عن النفل والأداء عن القضاء والقربة عن الرياء.
وربما جعل التميز الحاصل بالقربة من قبيل امتياز العبادة عن العبادة ، لأن الرياء المقصود في العبادة يخرجها عن حقيقة العبادة ، فهو كالفعل المعتاد.
ولا بد من استيعاب المميزات في النية وإن كثرت تحصيلا للغرض منها.
( الثانية عشر ) كلما يعتبر في صحة العبادة لا يخرج عن الشرطية والجزئية وإزالة المانع من قبيل الشروط. وقد اختلف في النية هل هي من قبيل الشروط باعتبار تقدمها على العبادة ومصاحبتها مجموع الصلاة مثلا وهذا هو حقيقة الشرط ، ويقابله الجزء وهو ما يقارن العبادة أو ما لا يصاحب المجموع؟
ويحتمل الفرق بين نية الصوم وباقي العبادات ، فتجعل شرطا في الصوم وركنا في باقي العبادات ، لأن تقدم نية الصوم على وجه لا يشتبه بالمقارنة. نعم لو قارن بها الصوم فإنه جائز على الأصح ، ( و ) انسحب فيها الخلاف.
وربما قيل : إن جعلنا اسم العبادة ينطلق عليها من حين النية فهي جزء على الإطلاق وإلا فهي شرط.
وقيل أيضا : كلما اعتبرت النية في صحته فهي ركن فيه كالصلاة ، وكلما اعتبرت في استحقاق الثواب به فهي شرط فيه كالجهاد والكلف عن المعاصي وفعل المباح أو تركه إذا قصد به وجه راجح شرعيا.
ولا ثمرة مهمة في تحقيق هذا ، فإن الإجماع على أن النية معتبرة في العبادة ومقارنة لها غالبا وإن فواتها مخل بصحتها ، فيبقى النزاع في مجرد التسمية. وإن كان قد يترتب على ذلك أحكام نادرة ذكرناها في الذكرى ، كصحة صلاة من تقدمت نيته على الوقت ونية وضوئه المنوي به الوجوب.