لأن الأكل والجماع مثلا مسبوقان بنية فعلهما ، فإذا أفسدت النية الصوم صادفا (١) صوما فاسدا ، فلا يتحقق به كفارة. والإجماع على خلافه ، إلا أن نقول بقول الشيخ أبي الصلاح الحلبي رحمهالله وقول شيخنا الإمام فخر الدين ابن المطهر رحمهالله من أن ترك النية في الصوم يوجب الكفارة. فإن سياق هذا القول يقتضي أن نية المنافي أو نية الخروج توجبان الكفارة ، إما لمجردهما أو بشرط انضمام المنافي إليهما. إلا أنه يلزم من الأول ارتكاب وجوب كفارتين بالجماع إحداهما على نيته والأخرى على فعله ، ولم يقل به أحد من العلماء.
( الخامسة عشر ) يمكن اجتماع نية عبادة في أثناء أخرى ، كنية الزكاة والصيام في أثناء الصلاة. وقد تضمن الكتاب العزيز إيتاء الزكاة في حال الركوع على ما دل عليه النقل من تصدق علي عليهالسلام بخاتمه في ركوعه فأنزلت فيه الآية (٢).
أما لو كانت العبادة الثانية منافية (٣) للأولى ـ كما لو نوى في أثناء الصلاة طوافا ـ فهو كنية القطع ، ولو نوى (٤) المسافر في أثناء الصلاة المقام وجب الإتمام ولا يكون ذلك تغييرا مفسدا. والسر فيه أن النية السابقة اشتملت على أبعاض الصلاة والمنافي (٥) كالمكرر ، فلا يقدح عدم تقدم نيته. على أن الملتزم أن يلتزم بوجوب النية لما زاد على المقدار المنوي أولا ، ولا استبعاد فيه وإن لم يصاحبه تكبيرة الإحرام ، لانعقاد أصل الصلاة بها.
ولو نوى المقيم في أثناء الصلاة السفر قبل أن يصلي على التمام ففي جواز
__________________
(١) في ك : صادف.
(٢) وهي « إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ » سورة المائدة : ٥٥.
(٣) في ص وهامش ك : مباينة.
(٤) في ك : أو نوى.
(٥) في ك والقواعد : والباقي.