رجوعه إلى القصر ثلاثة أوجه ، ثالثها الفرق بين من تجاوز التقصير وبين من لم يتجاوز. وهنا لا قادح ، لعدم زيادة شيء عن العبادة إنما هو حذف شيء منها.
نعم وجه الإتمام قوي ، لقولهم صلى الله عليهم الصلاة على ما افتتحت عليه ، ولوجوب إتمام العبادة الواجبة بالشروع فيها.
( السادسة عشر ) العدول من الصلاة المعينة إلى صلاة أخرى أو من الصوم فريضة إلى الصوم نافلة أو بالعكس ليس من باب نية فعل المنافي ، إذ لا تغير فاحشا فيه. وكذا في العدول من نسك إلى آخر ومن نسك التمتع إلى قسيميه وبالعكس.
ويجب في هذه المواضع إحداث نية العدول إليه ، ويحرم التلفظ بها في أثناء الصلاة ، فلو فعله بطل ، بخلاف باقي العبادات. أما التلفظ بها في أول الصلاة فإنه جائز ولكن الأولى تركه ، لأن مسمى النية هو الإرادة القلبية وهو حاصل ، فلا معنى للتلفظ. ولأن السلف لم يؤثر عنهم ذلك.
ومن زعم استحباب التلفظ ليجمع بين التعبد بالقلب وباللسان ، فقد أبعد ، لأنا نمنع كون اللفظ باللسان عبادة وليس النزاع إلا فيه.
( السابعة عشر ) اقتران عبادتين في نية واحدة جائز إذا لم يتنافيا ، فتارة تكون إحداهما منفكة عن الأخرى كنية دفع الزكاة والخمس ، وتارة مصاحبة لها كنية الصوم والاعتكاف أو تابعة لها. وتتحقق التبعية في أمور :
منها ـ لو نوى النظافة في الأغسال المسنونة ، فإن النظافة تابعة للغسل على وجه التقرب ، بل هي المقصود من شرعية الغسل.
ومنها ـ نية تحسين القراءة في الصلاة ، ونية تحسين الركوع والسجود ليقتدى به لا لاستجلاب نفع ولا لدفع ضرر.