الرحم معصية ، بل قيل هي من الكبائر. والمستحب ما زاد على ذلك.
وتظافرت الأخبار بأن صلة الرحم تزيد في العمر ، فأشكل هذا على كثير من الناس باعتبار أن المقدرات في الأزل والمكتوبات في اللوح المحفوظ لا تتغير بالزيادة والنقصان لاستحالة خلاف معلوم الله تعالى وقد سبق العلم بوجود كل ممكن أراد وجوده وبعدم كل ممكن أراد بقاءه على حالة العدم الأصلي أو إعدامه بعد إيجاده ، فكيف يمكن الحكم بزيادة العمر أو نقصانه بسبب من الأسباب.
واضطربوا في الجواب ، فتارة يقولون هذا على سبيل الترغيب ، وتارة المراد به الثناء الجميل بعد الموت ، قال الشاعر :
ذكر الفتى عمرة الثاني وحاجته (١) |
|
ما فاته وفضول العيش أشغال |
وقال : ماتوا فعاشوا بحسن الذكر بعدهم (٢).
وقيل : بل المراد زيادة البركة في الأجل ، أما في نفس الأجل فلا ، وهذا الإشكال ليس بشيء « أما أولا » فلوروده في كل ترغيب مذكور في القرآن والسنة حتى الوعد بالجنة والنعيم بالإيمان وبجواز الصراط والحور والولدان ، وكذلك التوعد بالنيران وكيفية العذاب.
لأنا نقول : إن الله تعالى علم ارتباط الأسباب بالمسببات في الأزل وكتبه في اللوح المحفوظ ، فمن علمه مؤمنا فهو مؤمن أقر بالإيمان أو لا بعث إليه نبيا أو لا ومن علمه كافرا فهو كافر على التقديرات. ثمَّ هذا اللازم الذي ذكروه ويبطل الحكمة في بعث الأنبياء والأوامر الشرعية والمناهي ومتعلقاتها ، وفي ذلك هدم
__________________
(١) في القواعد : عمر الفتى ذكره الباقي وغايته.
(٢) عجزه في القواعد ونحن في صورة الأحياء أموات.