الأديان.
والجواب عن الجميع واحد ، وهو أن الله تعالى كما علم كمية العمر علم ارتباطه بسببه المخصوص ، وكما علم من زيد دخول الجنة جعله مرتبطا بأسبابه المخصوصة من إيجاده وخلق العقل له وبعث الأنبياء ونصب الألطاف وحسن الاختيار والعمل بموجب الشرع (١) ، فالواجب على كل مكلف الإتيان بما لزمه.
ولا يتكل على العلم ، فإنه مهما صدر عنه فهو المعلوم بعينه ، فإذا قال الصادق عليهالسلام إن زيدا إذا وصل رحمه زاد الله في عمره ثلاثين سنة ففعل كان ذلك أخبارا بأن الله تعالى عليم بأن زيدا يفعل ما يصبر به عمره زائدا ثلاثين سنة ، كما أنه إذا أخبر أن زيدا إذا قال لا إله إلا الله دخل الجنة ، ففعل تبينا أن الله علم أنه يقول ويدخل الجنة.
وبالجملة جميع ما يحدث في العالم معلوم لله تعالى على ما هو عليه واقع من شرط أو سبب ، وليس نصب صلة الرحم زيادة في العمر إلا كنصب الإيمان سببا في دخول الجنة والعمل بالصالحات في رفع الدرجة والدعوات في تحقق المدعو به ، وقد جاء في الحديث لا تملوا من الدعاء فإنكم لا تدرون متى يستجاب لكم. وفي هذا سر لطيف ، وهو أن المكلف عليه الاجتهاد ، ففي كل ذرة من الاجتهاد إمكان سببيته لخير علمه الله تعالى ، كما قال تعالى ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٢).
والعجب كيف نصب الإشكال في صلة الرحم ، ولم يذكر في جميع التصرفات الحيوانية ، مع أنه وارد فيها عند من لا يتفطن للمخرج منه.
فإن قلت : هذا كله مسلم ، ولكن قد قال تعالى
__________________
(١) في ص : بواجب الشرع.
(٢) سورة العنكبوت : ٦٩.