معرفة للحكم. والسبب أعم من ذلك ، إذ من الأسباب ما لا يظهر فيه المناسبة.
فالعلة أقسام :
الأول ـ النجاسة في وجوب الغسل ، فإنها مستقذرة طبعا ، فناسب ذلك وجوب الإزالة بالغسل وشبهه.
الثاني ـ الزنا في وجوب الحد ، لأنه مؤد إلى اختلاط الأنساب ، فيقع التقاطع والتدابر ، فناسب وجوب الحد الرادع عنه.
الثالث ـ القتل عمدا للمكافئ في وجوب القصاص ، فإنه سبب في زهاق الأنفس المطلوب بقاؤها للقيام بعبادة الله ، فجعل الرادع عنه القتل ليكون سببا في بقاء الحياة ، كما أشار إليه سبحانه بقوله « وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ » (١).
الرابع ـ الكبيرة لا لعذر شرعي في الفسق ، فإنها أمر فاحش عقلا وشرعا ، فلا يناسبها قبول الشهادة من المتلبس بها ، بل يجب رد شهادته ، ليرتدع هو وأمثاله عنها.
ولو كانت الكبيرة لعذر كزنا الإكراه وشرب الخمر لإساغة اللقمة لم يكن ذلك قادحا ، لأنه لا يؤذن (٢) بالتهاون بالأمور الشرعية.
والسبب الذي لا يظهر فيه مناسبة ـ وإن كان مناسبا في نفس الأمر كما بين في الأصول ـ مثاله كالدلوك وباقي الأوقات للصلوات والحدث الموجب للوضوء والغسل والاعتداد مع عدم الدخول واستئناف العدة في المسترابة بعد التربص والهرولة في السعي ورمي الجمار وتقديم الأضعف على الأقوى في ميراث الغرقى على القول الأصح من عدم التوريث مما ورث منه ، فإن العقل لا يهتدي إلى وجه
__________________
(١) سورة البقرة : ١٧٩.
(٢) في هامش ص : يؤدي.