المباح لتجرده عن الطاعة. وقيل يلحق باليمين في اعتبار الأولوية.
فعلى عدم الانعقاد يشكل تعين الصدقة بمال مخصوص ، لأن المستحب هو الصدقة المطلقة وخصوصية المال مباحة ، فكما لا ينعقد لو خلصت الإباحة فكذا إذا تضمنها النذر.
وتحقق الإشكال تجويز بعض الأصحاب فعل الصلاة المنذورة في مسجد فيما هو أزيد مزية منه كالحرام والأقصى مع أن الصلاة في المسجد سنة وطاعة ، فإذا جازت مخالفتها لطلب الأفضل فتعين الصدقة بالمال المعين. وعدم إجزاء الأفضل منه مشكل.
ولعل الأقرب عدم جواز المخالفة في الموضعين لعموم وجوب الوفاء بالنذر : أما على القول بانعقاد نذر المباحات فظاهر ، وأما على الآخر فلأن الصدقة والصلاة لما كانتا طاعتين لله وقد شخصهما الناذر بمال معين ومكان معين تعلقت الطاعة بذلك المال والمكان ، فيكون تخصيص المال والمكان مستفادا من تخصيص الطاعة المذكورة.
والأصل فيه : أن المندوبات وإن كانت طاعة هي من حيث هي لا يتصور فيها الوجود فضلا عن الطاعة ، بل إنما تصير موجودة بمشخصاتها من زمان ومكان ومحل وفاعل ، فإذا تعلق النذر بهذا المشخص انحصرت الطاعة فيه كما ينحصر عند فعلها في متعلقاتها فلا يجزي غيرها.
ولأنه لو فتح هذا الباب لم يكن النذر وسيلة إلى التعيين حتى في الصوم والحج ، لأنه يقال الصوم في نفسه طاعة وكذا الحج وأما تخصيصه بيوم مخصوص أو نسبة مخصوصة فهو من قبيل المباح ، ولما كان ذلك باطلا فكذا يبطل العدول عن المحل المنذور والمكان المنذور كما يتعين الزمان كذلك (١).
__________________
(١) في ك والقواعد : لذلك.