له أو لا ، والأول ] (١) المسكر ، والثاني المفسد للعقل كالبنج والشوكران.
والنبات المعروف بالحشيشة اتفق علماء عصرنا وما قبله من العصور التي ظهرت فيها على تحريمها ، وهل هو لإفسادها فيعزر فاعلها أو لإسكارها فيحد؟ قال بعض العلماء : هي إلى الإفساد أقرب ، لأن فعلها السبات (٢) وزوال التعقل بغير عربدة حتى يصير متناولها أشبه شيء بالبهيمة.
ولقائل أن يقول : لا نسلم أن الحد منوط بالعربدة والنشوة بل يكفي فيه زوال العقل [ وقد اشتهر زوال العقل ] (٣) بها فيترتب عليه الحد ، وهو اختيار الفاضل في القواعد.
وقد حد بعضهم السكر بأنه اختلال الكلام المنظوم وظهور السر المكتوم وفي المشهور أن هذا حاصل فيها. وقال بعضهم : إن أثرها إرادة (٤) الخلط الغالب ، فصاحب البلغم يحصل له السبات والصمت ، وصاحب السوداء البكاء والجزع ، وصاحب الدم السرور بقدر خياله وصاحب الصفراء الحدة. بخلاف الخمر فإنه لا ينفك عن النشوة ويبعد عن البكاء والصمت. وهذا إن صح فلا ينافي زوال العقل بل هو من مؤكداته. وأما النجاسة فلا ريب أنها معلقة على المسكر المائع بالأصالة ، فلا يحكم بنجاسة هذا النبات.
ولو جمد الخمر حكم بنجاسته ، كما لو كان مائعا. وقال بعضهم : السكر والنجاسة متلازمان ، فإن صح إسكارها حكم بنجاستها عملا بالعمومات الدالة على نجاسة المسكر ، وإلا فهي حرام قطعا لإفسادها وليست نجسة.
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في ك.
(٢) السبات بضم السين : النوم أو أوله.
(٣) ليس في ص.
(٤) في ص : آثاره.