سبب في تحرم الكل ، وإن كان الحكم وجوبا أتى بالمشكوك عنه ونوى جازما بوجوب الفعل المشكوك فيه وقاطعا بالتقرب به إلى بارئه للقطع بسببه.
ومن ثمَّ إذا نسي صلاة ولم يعلمها وقلنا بوجوب خمس أو ثلاث ، لا نقول إن الناوي متردد في النية فتبطل نيته ، بل هو جازم بحصول سبب الوجوب ، وهو الشك.
وبهذا يندفع قول من قال بتصور النية في النظر الأول الذي يعلم به وجود الصانع ، فإنه ينوي مع الشك كما نوى في هذه المواضع ، لأن الشك هنا غير حاصل للجزم بوجوب سببه فيجب مسببه.
وإن كنا لا نقول بأن جميع أقسام الشك سبب في الإيجاب ، لأن منها ما يلغى قطعا ، كمن شك هل طلق أم لا وهل سها في صلاته أم لا.
مع أن لقائل أن يقول : لا نسلم أن الشك سبب في شيء مما ذكر ، أما في الطهارة فلأن الوجوب مستند إلى الحدث الحاصل بعد وجوب الصلاة والأصل عدم فعلها ، وكذلك الصلاة والزكاة. وأما التحريم فسببه أن اجتناب الحرام واجب ولا يتم إلا باجتنابهما ، فلا يكون الشك سببا في وجوب شيء. وأما النظر المعرف فليس له أصل قبله يرجع إليه ليكون سببا في نيته الواقعة على طريقة التردد.
نعم قد عد من موجبات سجدتي السهو الشك بين الأربع والخمس ، ومن موجبات الاحتياط الشك بين الأعداد المشهورة ، ورتب على ذلك الشك وجوبه ، لقول الصادق عليه الصلاة والسلام إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا زدت أو نقصت فتشهد وسلم واسجد سجدتي السهو (١).
__________________
(١) التهذيب ٢ / ١٩٦ ، الكافي ٣ / ٣٥٥ ، الوسائل : ٣ / ٣٢٧.