ثمّ هذه العادة تعبديّة لا يعارضها الظنّ ، وهي أقوى أقسام العادات ، ومع ذلك هي مثبتة لما فيها وما يتبعها ممّا يمكن أن يلحقها ، لا نافية إلا مع المضادّة لما عداها.
وتفصيل الحال فيها أنّ الدم إمّا أن يكون مستغرقاً لجميع أيّامها أو مختصّاً ببعضها أو خالياً عنها ، وعلى كلّ حال إمّا أن يكون مستمرّا فيما عداها أو متقدّماً أو متأخّراً أو جامعاً بين الصفتين موصولاً أو مفصولاً بأقلّ الطهر أو أقلّ مع التوافق في الوصف ، أو الاختلاف فيه على أقسامه ، فينحصر البحث في أُمور :
الأوّل : ما إذا كان الدم مَلَأ العادة ، وفيه أقسام :
الأوّل : أن يختصّ بالعادة وليس في الشهر دم سواه أو كان ولم يمكن جعله حيضاً لفقد شروطه فيحكم بحيضيّته ، وأنّه لا حيض فيه سواء وافق الوصف أو خالفه.
الثاني : أن يكون مستمرّا قد اتّصل بها من قبل أو من بعد أو من الطرفين ، وقد تجاوز معها العشرة بيوم فما زاد ، فيكون الحيض مقصوراً عليها ، اتّفق الوصف أو اختلف ، وافق دمها دم الحيض وصفا دون ما عداه أو بالعكس.
الثالث : أن يكون متّصلاً بها من قبل أو من بعد أو من الطرفين ، ولم يزد المجموع
__________________
أحدهما مع الانضمام إلى العادة لا يزيد على عشرة ، دون الآخر يحكم بحيضته وإن نقصا مع التساوي ، وكان طرفا العادة بياضين محفوفين بدمين أخذت من أحد الطرفين مع البياض ما يتمّ العدد ويقدّم ما به التمام ، وإن كان وإلا فلا ترجيح ، ويحتمل الاقتصار على ما رأته فيها ، مع إمكان كونه حيضاً.
ولو نقص أحدهما عن الآخر عدداً احتمل ترجيح الزائد أو الناقص أو التخيير والأقوى الأخير ، ويحتمل ترجيح الأقرب ، هذا إذا كانا معاً على الوصف أو كلاهما على خلافه ، ومع الاختلاف يترجّح جانب الموصوف ، ومع الاختلاف بالأشدّيّة أو الأجمعيّة وخلافهما لا يبعد اعتبار الترجيح.
وإن كان كل منهما مع الإضافة لا يزيد على العشرة ومجموعهما يزيد وفيهما موافق للعدد قدّم على غيره ويرجّح القريب على غيره والموصوف والأقوى على الأجمع على عداهما وإذا خلت العادة من الدم وحفّ بها دمان سابق ولاحق ، فإن لم يكن مضادّة ، فإن كان ما قبل العادة وما بعدها يبلغ كلّ منهما أقلّ الحيض وهما مع بياض العادة لا يزيدان على العشرة فالدمان وما بينهما من البياض حيض.
وأما مع المضادّة بين السابق واللاحق ؛ لزيادتهما مع بياض العادة المتوسّطة بينهما على العشرة فإن كان أحدهما خاصّة موافقاً لعدد العادة ، قدّم على الآخر ؛ وفي ترجيح الوصف أو القرب أو القوّة أو الضعف وجه ضعيف وإن تساويا تخيّرت وفي ترجيح المتقدّم فيه وفي نظائره وجه ، وطريق الاحتياط في مثل هذه المقامات أسلم.