الذي يتأتّى معه قصد القربة إجمالاً أو بمعرفة السبب الباعث عليه.
وبعد صحّة الطهارة تكون الآثار المترتّبة عليها كالاثار المترتّبة على باقي الشرائط ، فرفع الحدث وارتفاعه موقوف على حصولها ، كرفع المانعيّة الناشئة من الثوب المتنجّس بإزالة نجاسته ، وعمّا علّق فيه شيء من غير المأكول لحمه برفعه عنه ، وهكذا لو نزعهما.
وما الاستباحة بها إلا كالاستباحة باللباس والاستقبال وباقي الشرائط ورفع الموانع ، وما الوجوب والندب فيها إلا كالوجوب والندب في سائر الشروط ورفع الموانع.
وكما أنّ قصد الوجوب في الستر والاستقبال ونحوهما والندب في التعمّم والرداء والتحنّك ليس بلازم ، كذلك لا يلزم هنا فلا فرق بين قول اغسل بدنك وثوبك وبين قول اغسل وجهك ويديك إلا فيما يجعله عبادة.
بل الظاهر أنّ من جعل الوجوب سبب الإقدام لم يبلغ مرتبة أهل القرب لدى الملك العلام ، وربما أشكل على المقرّبين جعل الإيجاب سبباً للانقياد إلى ربّ الأرباب كيف لا! وليس المحرّك لهم خوف من عقاب يترتّب على ذلك الإيجاب ، بل الداعي لهم على العبادة مجرّد السمع والطاعة.
فقد ظهر أنّ تلك القيود خارجيّة ، وليس لها في تحقيق حقيقة العبادة مدخليّة ، فما نيّة الوجوب في مقام الندب أو بالعكس إلا كنيّة المسجديّة في البيت أو بالعكس ، وكنيّة الوجوب في الساتر في مقام الندب أو بالعكس (ونيّة شدّة الندب في مقام ضعفه أو بالعكس.
فلو اعتبر الخطور أو الوجه المذكور لا بعنوان الاحتياط حذراً من مخالفة المشهور أشبه أن يكون مشرّعاً ولو اعتبر الوجه في الشطور لزم فساد عبادات الجمهور ، وخلوّ الكتاب والمواعظ والخطب والأخبار وكلمات القدماء الأبرار ولزوم التزام ما لا يلتزم في باقي العبادات من الأدعية والتعقيبات والأذكار والزيارات في ترتّب الثواب على سائر ما ندب إليه ؛ أبين شاهد عليه. وما حال المكلّفين مع ربّ العالمين إلا كحال المملوكين مع المالكين) (١).
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في «س» ، «م».