من جهة عدم شمول أدلّتها ، له ، ضرورة أنّ المجتهد أيضا لو فرض عدم تمكّنه من الفحص ـ كما لو حبس في مكان لا يتمكّن من الرجوع إلى الأدلّة ـ لا يجوز له الرجوع إلى البراءة لا من باب قصور أدلّتها ، فاتّضح أن لا وجه لجعل المقسم خصوص المجتهد.
ثمّ إنّ المجتهد تارة يلتفت إلى حكم نفسه ، الّذي هو مشترك بينه وبين مقلّديه ، وقد عرفت حكمه.
وأخرى يلتفت إلى حكم غيره مع أنّه غير مكلّف به ، لعدم تحقّق موضوعه في حقّه ، كما إذا التفت إلى حكم الحائض أو النفساء أو الخنثى المشكلة ، وحينئذ إمّا أن يحصل له القطع أو الظنّ أو الشكّ ، وعلى هذا يكون الملتفت إليه هو الحكم الثابت في الشريعة المعبّر عنه بالحكم الإنشائيّ ، وفي مرتبة الجعل.
فإن حصل له القطع ، كما إذا قطع بأنّ قراءة سبع آيات مكروهة على الحائض ، فيجوز له الإفتاء بذلك ، ولا معنى لكون قطعه منجّزا ، فإنّه ليس مكلّفا بما قطع به ، فلا أثر لقطعه إلّا جواز الإفتاء والخروج عمّن قضى وهو لا يعلم.
وإن حصل له الظنّ ـ أي الطريق المعتبر ـ فكذلك لا أثر له إلّا جواز الإفتاء بما أدّى إليه الطريق.
وإن حصل له الشكّ ولم يكن عنده طريق معتبر وانتهى الأمر إلى الأصول العمليّة ، فإمّا أن يكون شكّه مسبوقا باليقين أولا ، فإن كان الأوّل ، فيمكن فرضه على قسمين :
أحدهما : أن يكون الشكّ في بقاء الجعل مع كونه متيقّنا سابقا. وبعبارة أخرى : الشكّ في النسخ وعدمه ، كما إذا شكّ في وجوب صلاة الجمعة وأنّه