الإثبات ، ولكنّك عرفت عدم انحفاظها فيها ، وعدم إمكان الترخيص في جميع الأطراف عقلا ، فأدلّة الأصول مخصّصة بغير الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي عقلا ، لا أنّها قاصرة عن الشمول لها من دون أن تكون مخصّصة عقلا.
هذا تمام الكلام في الحيثيّة الثالثة ـ أي : حرمة المخالفة القطعيّة ـ بمقدار يناسب المقام.
وأمّا الحيثيّة الأولى ـ وهي كفاية الامتثال الإجمالي وعدمها ـ فتفصيلها في بحث البراءة والاشتغال.
ومجمل القول فيها أنّه لا ينبغي الشكّ في حسن الاحتياط وكفاية الامتثال الإجمالي مع عدم التمكّن من الامتثال التفصيليّ سواء كان في التعبّديات أو التوصّليّات كان مستلزما للتكرار أم لم يكن ، وهكذا لا ريب في حسنه في التوصّليّات مطلقا كان متمكّنا من الامتثال التفصيليّ أم لم يكن ، لأنّ المفروض أنّ الغرض تعلّق بمطلق وجود المأمور به في الخارج ، فإذا أتى المكلّف بما علم وجود المأمور به في ضمنه من الأفراد ، فقد أتى بالمأمور به ، وحصل غرض المولى بذلك.
هذا ، وربما يستشكل في خصوص العقود والإيقاعات من جهة أنّ ترتّب الأثر عليها متوقّف على قصد الإنشاء ، ومع الشكّ في ترتّب الأثر لا يتحقّق قصد الإنشاء ، فلا يحسن الاحتياط فيها.
وهذا الإشكال بمعزل عن التحقيق ، فإنّ قصد الإنشاء يتحقّق مع العلم بعدم إمضاء الشارع فكيف مع الشكّ!؟ والبائع يعتبر الملكيّة بقوله : «بعت» كان هذا الاعتبار موردا لإمضاء الشارع أو لم يكن ، فقصد الإنشاء ممكن على كلّ حال ، ولا ربط له بترتّب الأثر الشرعي عليه وعدمه ، ولذا ترى أنّ الكفّارة يعاملون ويعتبرون ملكيّة الخمر والخنزير قاصدين في ذلك مع علمهم بعدم