الوقوع في المفاسد الكثيرة.
أو يفرض في حال انفتاح باب العلم ، بمعنى التمكّن من الوصول إلى الواقعيّات على ما هي عليها ، فإن علم الشارع بعدم وصول المكلّف إلى الواقعيّات وإن كان متمكّنا منه لكنّه لا يصل خارجا من جهة تحصيله القطع من أسباب غير مصادفة للواقع غالبا ، وعلم أنّ العمل بالأمارة أغلب مصادفة للواقع من العمل بالقطع الحاصل لهم من تلك الأسباب ، فليس في التعبّد بالأمارة إلقاء في المفسدة أو تفويت للمصلحة إلّا بمقدار لا يعتنى به في جنب الغرض المهمّ المترتّب عليه من إدراك كثير من المصالح الواقعيّة ، فلا قبح فيه أصلا.
وممّا ذكرنا يظهر ما في كلام الشيخ ـ قدسسره ـ من أنّ هذا الفرض ، أي : فرض العلم بعدم وصول المكلّف إلى الواقعيّات فرض انسداد باب العلم (١) ، لما عرفت من أنّ انسداد باب العلم بمعنى امتناع الوصول وعدم التمكّن منه ، وفرض الانفتاح فرض التمكّن من الوصول ولو لم يتحقّق الوصول خارجا.
وإن كان المكلّف يصل إلى الواقعيّات على ما هي عليها بدون التعبّد بالأمارة ، فلا مورد لهذه الشبهة أيضا بناء على القول بأنّ حجّيّة الأمارات غير العلميّة من باب السببيّة والموضوعيّة لا الطريقيّة المحضة ، ونعني بالسببيّة سببيّة الأمارة لحدوث المصلحة ، وهي تتصوّر على أقسام ثلاثة :
الأوّل : ما التزم به الأشعري ، وهو : أن تكون الأمارة سببا لحدوث مصلحة في متعلّقها موجبة للحكم الواقعي ، بمعنى أنّ الحكم الواقعي تابع لقيام الأمارة عند الجاهل ، ولا حكم واقعي له سوى ما أدّى إليه الأمارة ، وهذا مثل وجوب إطاعة الوالدين ، التابع ، حدوثا لأمرهما ، واستحباب إجابة استدعاء
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٦.