بصدد الطغيان وفي مقام العصيان والتعدّي والظلم على مولاه والخروج عن رسوم العبوديّة ، كما أنّ الفعل المنقاد به كاشف عن حسن سريرة الفاعل به وكونه في مقام العدل والعمل بوظيفة العبوديّة.
الجهة الثالثة : في حرمة الفعل المتجرّى به.
والكلام فيها يقع تارة من حيث إنّ الفعل المتجرّى به هل يطرأ عليه عنوان قبيح بواسطة القطع بحرمته شرعا وكونه مبغوضا للمولى أم لا؟ وأخرى من حيث حكمه بعد أن طرأ عليه هذا العنوان.
أمّا الحيثيّة الأولى فقد ادّعى شيخنا الأستاذ القطع بعدم طروّ عنوان قبيح عليه ، وأنّا نجد من أنفسنا أنّ شرب الماء مثلا لا يتّصف بصفة القبح بمجرّد القطع بكونه خمرا ، ولا يصير مبغوضا بصرف العلم بمبغوضيّته ، فهو على ما هو عليه بلا عروض عنوان قبيح عليه (١).
واستدلّ صاحب الكفاية على ذلك ـ مضافا إلى دعوى الضرورة عليه ـ بأنّ الفعل المتجرّى به بعنوان أنّه مقطوع الحرمة لا يؤتى به في الخارج حتّى يكون الإتيان بهذا العنوان موجبا لطروّ عنوان قبيح عليه ـ ولو كان هذا العنوان من العناوين التي بها يكون الفعل قبيحا عقلا ـ إذ الإتيان كذلك لا يكون اختياريّا للعبد المتجرّي ، فإنّه يفعل الفعل بعنوانه الأوّلي الاستقلالي ويشرب الماء بما أنّه خمر ، لا أنّه يفعل بعنوانه الطارئ الآلي ويشربه بما أنّه مقطوع الخمريّة ، بل يكون هذا العنوان مغفولا عنه وغير ملتفت إليه غالبا ، فكيف يمكن أن يكون موجبا للقبح عقلا!؟ (٢).
ونقول في جوابه : إنّه ما المراد من أنّه لا يمكن الإتيان بعنوان أنّه
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٥.
(٢) كفاية الأصول : ٢٩٩.