كراهة إكرام الجاهل ، وثالث على حرمة إكرام الفاسق ، فنسبة الثالث إلى كلّ من الأوّلين على انفراده عموم من وجه ، وإلى مجموعهما تباين ، إذ الفاسق إمّا عالم أو جاهل ، وعلى كلّ لا يحرم إكرامه بمقتضى الأوّلين ، وحيث إنّ كلّا من الثلاثة نصّ بالقياس إلى بعض مدلوله وظاهر في جميع مدلوله لا يمكن الجمع بينها بالأخذ بالأوّلين ورفض الثالث لنصوصيّته أيضا في الجملة ، ولذلك يقع التعارض بينه وبين الأوّلين ، ولا بدّ من الرجوع إلى المرجّحات ، فإن كان المرجّح للثالث ، يقدّم عليهما ، وإن كان المرجّح لهما ، يقدّمان عليه ، ويبقى الثالث بلا مورد ، ولا مانع منه ، وإن كان المرجّح لأحد الأوّلين يقدّم الراجح فقط.
ويجري هذا الكلام في العموم والخصوص مطلقا أيضا ، كما إذا ورد دليل على وجوب إكرام العالم ، وآخر على استحباب إكرام الجاهل ، وثالث على حرمة إكرام الفاسق.
وبالجملة ، ففي المقام لا بدّ من الرجوع إلى المرجّحات ، فإن كان في دليل «لا ضرر» يقدّم ، وإن كان في كلّ واحد من أدلّة الأحكام ، يقدّم الجميع عليه ، وإن كان في بعضها دون بعض ، يقدّم ما فيه المرجّح فقط.
وأمّا حمل دليل الحكم الأوّلي على إرادة بيان الحكم الاقتضائي : فلا نعقل له معنى محصّلا ، لأنّ مراده ـ قدسسره ـ من الحكم الاقتضائي إن كان أنّه ليس حكما مولويّا بل يكون حكما إرشاديّا يرشد إلى وجود المصلحة في متعلّقه ، فهو ـ مضافا إلى أنّه خلاف ظاهر الأدلّة ـ لازمه عدم وجود الدليل على وجوب الوضوء غير الضرري ، إذ المفروض أنّ الحكم حمل على الإرشاد إلى وجود المقتضي له وثبوت المصلحة ، فبأيّ دليل نتمسّك لإثبات وجوب الوضوء؟ وصرف وجود المصلحة في شيء ما لم يأمر المولى مولويّا بذي المصلحة