ومن العجب أنّ ظاهر جدّي (١) قدسسره وجماعة (٢) اختصاص الاستفاضة بأشياء ، ولو كان الدليل ما ذكره لما كان حصل الفرق بين المواد .
وما عساه يقال : إنّ الاختصاص يجوز أن يكون الوجه فيه الإجماع علىٰ نفي ما عداها .
يمكن الجواب عنه : بأنّ الدليل حينئذٍ ـ وهو مفهوم الموافقة ـ لا وجه له ، إلّا أن يقال إنّ الإجماع علىٰ ما عدا المذكورات الثابتة بالاستفاضة لمّا حصل بقي حكم المذكورات لا بالإجماع عليها ، بل بأنّ الظنّ فيها أقوىٰ ، وفيه : ما تقدّم من الإشكال ، فإذا انتفىٰ دليل المفهوم ولا إجماع علىٰ المذكورات لا يتمّ الاستدلال ، علىٰ أنّ قبول العدالة بالاستفاضة غير مذكور في جملة ما يثبت بالاستفاضة في عبارة البعض .
وعلىٰ تقدير اعتبار الاستفاضة فقد صرّح جدّي قدسسره في الروضة : بأنّها استفعال من الفيض ، وهو الظهور والكثرة ، والمراد بها هنا ـ يعني في بحث الشهادة ـ شياع الخبر إلىٰ حدٍّ يفيد السامع الظن الغالب المقارب للعلم ، ولا تنحصر في عدد ، ( بل يختلف باختلاف المخبرين ) (٣) ، نعم يعتبر أن يزيدوا عن عدد الشهود ، ليحصل الفرق بين خبر العدل وغيره (٤) ، انتهىٰ .
وفي نظري القاصر أنّ الفرق يحصل وإن لم يزيدوا ؛ لأنّ اعتبار الشاهدين يقتضي ثبوت الحكم بهما من حيث كونها شهادة ، والاستفاضة
__________________
(١) في الروضة البهية ٣ : ١٣٥ .
(٢) الشرائع ٤ : ٧٠ ، والشهيد في اللمعة ( الروضة ٣ ) : ١٣٥ .
(٣) ما بين القوسين ساقط عن « م » .
(٤) الروضة البهية ٣ : ١٣٥ .