قال قدسسره : واستبعاد بعض الأصحاب إمكان تحصيل العلم من حيث إنّ الأُمور الباطنة لا يعلمها إلاّ الله ؛ في غاية الضعف ، كيف والاستدلال بالأثر المحسوس على المؤثر المعقول أجلى ظهوراً وأكثر وقوعاً من أن يحتاج إلى مثال.
وربما قرب (١) قرب هذا الاستبعاد ببعد العلم بعدم مفارقة الكبائر ، بناءً على عمومها لكلّ ما وقع التوعد عليه بخصوصه في الكتاب والسنّة ، فإنّها إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبعين وسبعة ، كما يروى في بعض الأخبار.
ويدفعه ضعف البناء ، فإنّ المروي في الأخبار المعتمدة تخصيص الكبائر بما وعد الله عليه بالنار ، فروى الكليني في الصحيح عن ابن محبوب وذكر الرواية السابقة إلى أن قال : وروى في الحسن عن عبيد بن زرارة وذكر الرواية السابقة أيضاً ثم قال : هذا مع أنّ الملكة التي اعتبرناها لم يقع فيها أن لا يقع معها كبيرة ، وإنّما اعتبرنا فيها أن يكون من شأنها المنع ، بمعنى أنّ الكبيرة إذا خطرت بالبال أخذت تلك الملكة بالمدافعة ، ولا ريب أنّ من حصلت له هذه الحالة تكون طبيعته (٢) مقهورة مع الملكة.
وعلى القول بعموم الكبائر لو قدّر غلبة الطبيعة في بعض الأحيان ، إمّا لنوع غفلة تضعف بها الملكة ، أو لمزيد القرب من المعصية ، إذ في جملة الكبائر بالمعنى العام ما هو بهذه المثابة ، كبعض أنواع الغيبة ؛ فلا شك أن النفس بعد قضائها الوطر تعود إلى طاعة الملكة ( وتستشعر (٣) الندم
__________________
(١) في « م » : فرض.
(٢) في « م » : طبيعة.
(٣) في « فض » : ويستقر.