شيخنا قدسسره عن العلّامة في النهاية نقل الإجماع علىٰ الجواز ، وعن الشيخ في المبسوط القول بأنّ من فارق الإمام لغير عذر بطلت صلاته (١) . وقد أشبعت القول في المسألة في حواشي الروضة ، وسيأتي هنا إن شاء الله بعض القول في ذلك في باب من رفع رأسه قبل الإمام .
وأمّا حكم نيّة الانفراد للإمام جوازاً أو منعاً فلم أقف علىٰ مصرّح بالحكم الآن ، سوىٰ أنّ المحقّق في الشرائع قال : وكذا لو عرض للإمام ضرورة جاز أن يستنيب ، ولو فعل ذلك اختياراً جاز أيضاً (٢) .
وذكر شيخنا قدسسره أنّ المحقق ردّ بقوله : ولو فعل ذلك اختياراً ـ يعني المبطل اختياراً ـ جاز أيضاً ، علىٰ أبي حنيفة ، حيث منع من استخلاف الإمام إذا تعمّد فعل المبطل ، وأوجب علىٰ المأمومين الإتمام فرادىٰ (٣) . وكأنّه قدسسره وقف علىٰ ما يقتضي مراد المحقق ، ولولاه أمكن أن يقال : إنّ مراده لو استناب من غير ضرورة جاز ، علىٰ معنىٰ جواز الاستنابة اختياراً ، بأن ينوي انفراده ويستنيب غيره ، إلّا أنّ هذا يقتضي عدم الفائدة ظاهراً في استنابة غيره ، بل إذا جاز نيّة الانفراد جاز استنابة غيره وعدمها ، بأن ينفرد المأمومون أو يستنيبوا أحداً . .
إلّا أن يقال : إنّ كلام المحقّق لمّا كان بصدد استنابة الإمام ذكر ما قاله ؛ وممّا يدفع هذا : أنّ الإمام لو فعل المبطل اختياراً فقد يحصل به الفسق ، وقد ذكر المحقّق مسألة ما لو علم المأموم في الأثناء فسق الإمام ، ونقل القول بالاستئناف واختار الانفراد (٤) ، وحينئذٍ لا مجال لاحتمال ما ذكرناه إلّا
__________________
(١) المدارك ٤ : ٣٧٧ .
(٢) الشرائع ١ : ١٢٥ .
(٣) المدارك ٤ : ٣٦٤ .
(٤) الشرائع ١ : ١٢٥ .