بتكلّفٍ مستغنى عنه ، وقد ذكرت ذلك مفصّلاً في حواشي المدارك .
وإذا عرفت هذا فاعلم أنّ جواز مفارقة الإمام بنيّة الانفراد ـ حيث لم أقف علىٰ القائل بها ـ لا يمكن الحكم بالجواز ، وإن أمكن أن يقال نحو ما ذكروه في مفارقة المأموم بنيّة الانفراد من أنّ الجماعة ليست واجبة ابتداءً فكذا استدامةً ، وبأنّ الائتمام يفيد الفضيلة فتبطل بفواته دون الصحّة ، فإنّ هذين الدليلين يجريان في الإمام .
وما أجاب به شيخنا قدسسره عن الأوّل : بأنّه لا يلزم من عدم الوجوب ابتداءً عدمه استدامةً ، وعن الثاني : بأنّ نيّة الائتمام كما تفيد الفضيلة تفيد الصحّة علىٰ هذا الوجه ، فيجب فواتها بنيّة الانفراد إلىٰ أن يأتي بوجه آخر معلوم الصحّة (١) ؛ قد أجبنا عنه في حواشي الروضة ، والذي يقال هنا في الجواب : إنّ قوله : لا يلزم من عدم الوجوب ابتداءً عدمه استدامةً ، إنّما يتمّ إذا كان الغرض مجرد الجواب ، لأنّه مانع ، لكن لمّا كان مختاره عدم الجواز فلا يتمّ الجواب ، إلّا أن يقال : إنّ دليله علىٰ العدم غير ما ذكره كما يعلم من مراجعة الكتاب .
والحقّ أنّ المستدل لو أراد أنّ الأصل استمرار عدم الوجوب أمكن توجيه كلامه ، غير أنّ لنا كلاماً في هذا ، والحاصل منه أنّ الصلاة هيئة مركبة من جنس وفصل هو الجماعة ، وبانعدام الفصل تنعدم حصّته ، والفصل الآخر وهو الانفراد معه حصّة اُخرىٰ ، إلّا أنّ هذا مبني علىٰ تحقيق الأمر في الجنس والفصل كما يعلم من موضعه .
وما قاله قدسسره في جواب الثاني يرجع القول فيه كالأوّل من حيث
__________________
(١) المدارك : ٣٧٨ .