قال : والمنفرد بصلاة الظهر يوم الجمعة قد روي أنّه يجهر بالقراءة استحباباً ، وروى أنّ الجهر إنّما يستحب لمن صلاّها مقصورة بخطبة أو صلاّها أربعاً في جماعة ، ولا جهر على المنفرد. وقال ابن إدريس : وهذا الثاني هو الذي يقوى في نفسي واعتقده وأُفتي به ؛ لأنّ شغل الذمّة بواجب أو ندب يحتاج إلى دليل شرعي لأصالة براءة الذمّة ، والرواية مختلفة ، فوجب الرجوع إلى الأصل ، لأنّ الاحتياط يقتضي ذلك ، لأنّ تارك الجهر تصح صلاته إجماعاً وليس كذلك الجاهر بالقراءة ؛ وما رواه ابن أبي عمير عن جميل وذكر الرواية الخامسة وما رواه محمّد بن مسلم وذكر الرواية السادسة.
وأجاب العلاّمة : بأنّ شغل الذمّة بالمندوب كما هو منافٍ للأصل كذلك شغلها بوجوب الإخفات ، بل هذا زائد في التكليف ؛ والروايتان تنافيان دعواه ؛ لاختصاصهما بالجماعة ، ومعارضتان برواية الحلبي الحسنة وذكر الاولى ورواية عمران الحلبي وذكر الثانية والثالثة والرابعة ـ (١).
ولا يذهب عليك وجاهة كلام العلاّمة ، إلاّ أنّ قوله في معارضة الروايات محل تأمّل لاختلاف المورد.
ثم الظاهر من كلام ابن إدريس في الرجوع إلى الأصل يقتضي أنّ الأصل في الظهر الإخفات ، فإن أراد يوم الجمعة فالأصل محل تأمّل ، وغيره واضح الاندفاع. ثم قوله : إنّ تارك الجهر تصح صلاته إجماعاً. إن أراد به على وجه لزوم الإخفات فالكلام فيه له مجال ، إلاّ أنّ الشهرة في الإخفات على ما قيل فلو فعل لا على وجه اللزوم ربما كان أحوط ، وفي البين
__________________
(١) المختلف ٢ : ١٧٨ ، وهو في السرائر ١ : ٢٩٨.