فائدة (١) :
لا ريب أن الطهارة والاستقبال والستر معدودة من الواجبات في الصلاة مع الاتفاق على جواز فعلها قبل الوقت والاتفاق في الأصول أن غير الواجب لا يجزي عن الواجب ، فاتجه هنا سؤال ، وهو أن يقال : أحد الأمرين لازم ، وهو إما أن يقال بوجوب هذه الأمور على الإطلاق ولم يقله أحد ، أو يقال بإجزاء غير الواجب عن الواجب وهو باطل ، لأن الفعل إنما يجزي عن غيره مع تساويهما في المصلحة المطلقة ، ومحال تساوي الواجب وغير في المصلحة.
وجوابه : أنا قد بينا أن الخطاب قد ينقسم إلى خطاب التكليف وخطاب الوضع ، أعني الخطاب بنصب الأسباب ، ولا يشترط فيه العلم والقدرة ولا عدمهما ولا التكليف ، لأن معنى قول الشارع اعلموا كذا إنه حتى وجد كذا فقد وجب كذا أو حرم كذا أو أبيح كذا أو ندب كذا ، ومن ثمَّ حكم بضمان الصبي والمجنون ما أتلفاه مع عدم تكليفهما.
وقد يكون خطاب الوضع بالمانع [ له ] أيضا ، كما يقول عدم كذا عند وجود المانع أو عند عدم الشرط.
إذا تقرر ذلك فالطهارة من باب خطاب الوضع ، إذ هي شرط في صحة الصلاة ، وكذلك الاستقبال والستر ، وذلك لا يشترط فيه شرط التكليف من إيقاعه على الوجه المخصوص ، فإن دخل الوقت على المكلف وهو موصوف بهذه الأوصاف تمَّ الفرض وصحت الصلاة ، وإن لم يتصف بها أو ببعضها توجه عليه حينئذ خطاب التكليف وخطاب الوضع وصارت حينئذ واجبة.
ولا استبعاد في وجوب الطهارة في حالة دون حالة ، لأن بيان الشرع تخصص
__________________
(١) في ص : قاعدة.