وهذه التجزئة إنما تصح في الأفعال ، وأقوى الإيمان الفعل باليد ثمَّ اللسان ثمَّ القلب ، لأن اليد يستلزم إزالة المفسدة على الفور ، ثمَّ القول لأنه قد يقع معه الإزالة ، ثمَّ القلب لأنه لا يؤثر ، فإذا لحظ عدم تأثيره في الإزالة فكأنه لم يأت إلا لهذا النوع الضعيف من الإيمان.
وقد سمى الله تعالى الصلاة إيمانا بقوله تعالى « وَما كانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ » (١) أي صلاتكم إلى بيت المقدس.
فروع :
( الأول ) لا يشترط في المأمور والمنهي أن يكون عالما بالمعصية فينكر على المتلبس بالمعصية بصورة تعريفه أنها معصية ونهيه عنها ، وكذا المتأول للمعصية فإنه ينكر عليه كالبغاة ، لأن المعتبر ملابسة لمفسدة واجبة الدفع ، أو كونه تاركا لمصلحة واجبة الحصول ، كنهي الأنبياء عليهمالسلام في أول البعثة وقد كان المتلبسون غير عالمين بذلك ، ولأن الصبيان يؤدبون والمجانين ولا معصية.
وربما أدى الأدب إلى القتل كما في صورة صولتهم (٢) على دم أو بضع لا يندفعون عنه إلا بالقتل ، ومن هذا الباب لو سمع العدل أو الفاسق عفو الموكل عن القصاص وأخبر الوكيل بعفوه فلم يقبل منه ، فللشاهد الإنكار والدفع لهذا الوكيل عن القصاص ما أمكن ولو أدى إلى قتله فإشكال وكذا لو وجد أمته بيد رجل وزعم أنه اشتراها من وكيله فأراد البائع وطئها لتكذيبه في الشراء أو أخذها فله دفاعه عنها.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٤٣.
(٢) في ص والقواعد وهامش ك : صولهم. صال صولا أي وثب وثوبا.