وينبغي لهذا المداهن التحفظ من الكذب ، فإنه قل أن يخلو أحد من صفة مدح.
وقد دل على التقية الكتاب والسنة ، قال الله تعالى « لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ إِلّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً » (١) وقال تعالى « إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ » (٢).
وقال الأئمة عليهم الصلاة والسلام تسعة أعشار الدين التقية (٣). وقالوا عليهم الصلاة والسلام من لا تقية له لا دين له ، إن الله يحب أن يعبد سرا كما يحب أن يعبد جهرا (٤). وقالوا عليهمالسلام امضوا في أحكامهم ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا.
وكتب الكاظم عليهالسلام إلى علي بن يقطين بتعليمه كيفية الوضوء على ما عليه العامة ، فتعجب من ذلك ولم يسعه الامتناع ، ففعل ذلك أياما ، فسعي به إلى الرشيد بسبب المذهب فشغله يوما بشيء من الديوان في دار وحده ، فلما حضر وقت الصلاة تجسس عليه فوجده يتوضأ كما أمر ، فسري عن الخليفة واعتذر إليه ، فكتب إليه بعد ذلك الإمام عليهالسلام أن يتوضأ كذا وكذا ، ووصف له الوضوء الصحيح (٥).
وفتاوى أهل البيت عليهم صلوات الله مشحونة بالتقية ، وهو أعظم أسباب اختلاف الأحاديث.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٢٨.
(٢) سورة النحل : ١٠٦.
(٣) أصول الكافي ٢ / ٢١٧ ، المحاسن : ٢٠٥.
(٤) وسائل الشيعة ٦ / ٤٦٥ باختلاف يسير في اللفظ.
(٥) الإرشاد : ٢٩٤ ، إعلام الورى : ٣٠٣ ، المناقب : ٢ / ٣٥٥.