عن حديث النفس.
ومن الأخفى أن يذم نفسه بذكر طرائق غير محمودة فيه أو ليس متصفا بها لينبه على عورات غيره.
وقد جوزت صورة الغيبة في مواضع سبعة :
١ ـ أن يكون المقول فيه مستحقا لذلك لتظاهره بسببه ، كالكافر والفاسق المتظاهر ، فيذكره بما هو فيه لا بغيره.
ومنع بعض الناس من ذكر الفاسق وأوجب التعزير بقذفه بذلك الفسق ، وقد روى الأصحاب نحوا من ذلك. قال بعض العامة : حديث « لا غيبة لفاسق » أو « في فاسق » لا أصل له. قلت : ولو صح أمكن حمله على النهي ، أي خبر يراد به النهي ، أما من يتفكه بالفسق ويبتهج به (١) في شعره أو كلامه فيجوز حكاية كلامه.
٢ ـ شكاية المتظلم بصورة ظلمه ، كقول المرأة عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن فلانا رجل شحيح (٢).
٣ ـ النصيحة للمستشير ، كقول النبي « صلىاللهعليهوآله » لفاطمة بنت قيس حين شاورته في خطابها أما معاوية فرجل صعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه (٣). هذا مع مسيس الحاجة إلى ذلك والاقتصار على ما ينبه به المستشير.
وكذا لو علم دخول الشخص مع من لا يوثق بدينه أو ماله أو نفسه جاز
__________________
(١) في ص والقواعد : يتبجح به.
(٢) قالته هند زوجة أبي سفيان لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني وولدي ما يكفيني فقال لها : خذي لك ولولدك ما يكفيك بالمعروف. أخرجه البخاري في باب « إذا لم ينفق الرجل فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف » من كتاب النفقات.
(٣) أسد الغابة : ٥ / ٥٢٦.