( الثاني ) معنى « شهد » ، حضر ، ومنه « ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) » (١) ، وأخبر ومنه « الشهادة عند الحاكم » ، أو بمعنى علم وعلى ذلك (٢) سمي « شهيد » أي عليم ، وقوله تعالى « شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ » (٣) يحتمل الإخبار والعلم ، ومعنى « روى » تحمل ، فراوي الحديث تحمله عن شيخه ، ومن ثمَّ سمي البعير رواية لحمله الماء ، وأطلق عليه « المزادة » (٤) للمجاورة ، وليس هذا من باب أروي [ وروي ] (٥) وإلا لقيل مروية ومروية.
( الثالث ) رجح الأصحاب في بعض الصور الشهادة بالأعدل فالأكثر كما في الرواية ، ومنع بعضهم الأمرين ، وآخرون الترجيح بالعدد ، لأن الحاكم نصب لدرء الخصومة وقطع المنازعة.
ولو فتح باب الكثرة أمكن [ طلب ] (٦) الخصم الإمهال ليحضر شهودا أكثر ولو زورا فإذا أحضر أمكن خصمه طلب مثله فيتمادى النزاع ، بخلاف العدالة فإن العدالة لا يستفاد إلا من الحاكم ، فلا يمكن السعي في زيادتها.
وهذا خيال واه ، لأنا نمنع الإمهال أولا بل يحكم الحاكم بحسب الحال للحاضر لما كان الإمهال يؤدي إلى هذا الإخلال. سلمنا لكن المراد بالأعدل ظاهرا ، وقد يسعى في تحصيل أعدل ظاهرا أيضا.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٨٥
(٢) كذا في النسختين وفي القواعد : ومنه على كل شيء شهيدا أي عليم.
(٣) سورة آل عمران : ١٨.
(٤) في ص : على المرادة.
(٥) ليس « وروي » في. أي ليس « رواية » من باب الإفعال والتفعيل وإلا يقال : مروية كمكرمة ومروية كمصرفة.
(٦) ليس « طلب » في ص.