الْعالِمُونَ) [العنكبوت : ٤٣] ، ويقول سبحانه : (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ) [الرعد : ١٩] ، ويقول سبحانه : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) [النساء : ٨٣]. ومن لم يعرف رحمك الله أمرا أنكره ، ومن لم يقف على معنى شيء دفعه. ولو حسن يقين (٥١٢) من أنكر فعل الإمام لم يعجل بالعيب في ذلك عليه ، غير أن وساوس الشيطان تتمكن في قلوب أهل الشك والريب من الإنسان ، والشك والريب فلا يثبت معهما محض إيمان ، ألا تسمع كيف يقول في ذلك الواحد الرحمن : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) [الحجرات : ١٥] فلم يحكم بحقائق الإيمان إلا لمن بعد منه الارتياب في وجوه الدين والإحسان ، فنسأل الله الثبات على دينه والتوفيق لما يرضيه برحمته.
ذكر سبب الزيادة على الحد
ذكرت ضربنا من نضربه من بعد الحد الذي ألزمه الله تعالى إياه ، فقلت : ما سبب هذه الزيادة من بعد تمام الحد؟
واعلم ـ أكرمك الله ـ أن الله سبحانه حكم على الأئمة وافترض عليهم حسن النظر للبرية ، وأن تفعل في كل معنى ما ترجو به الصلاح للرعية. وهؤلاء القوم الذين ترانا نضربهم بعد الحد في أرجلهم ثلاثين ، وأربعين ، وعشرين ، فهم قوم قد بايعوا على الحق ، وأعطونا عهودهم على الصدق وعلى الأمر بالمعروف الأكبر ، والنهي عن التظالم والمنكر ، ثم نكثوا بعهودهم ، وحنثوا في أيمانهم ، فعملوا المنكر في أنفسهم ، ورفضوا المعروف الذي يأمرون به غيرهم ، وردوا الفسق بعد موته ، وأحيوا المنكر في دار الحق بعد خموله ، فكان أقل ما يجب على من نكث عهده ، وحنث في يمينه التي أقسم فيها باسم ربه أن يكون عليه
__________________
(٥١٢) في (أ) : ولو حسن بعين.