فأمّا الاستحقاق منهم لذلك المقام الذي استوجبوا به من الله العلم والدليل فهو فضلهم على أهل دهرهم ، وبيانهم عن جميع أهل ملتهم ، بالعلم البارع والدين والورع والاجتهاد في أمر الله. وعلمهم ودليلهم فهو العلم بغامض علم الأنبياء ، والاطلاع على خفي أسرار الرسل ، وإحاطتهم بما خص الله به أنبياءه ، حتى يوجد عندهم من ذلك ما لا يوجد عند غيرهم من أهل دهرهم ، فيستدل بذلك على ما خصتهم به أنبياؤهم ، وألقته إليهم من مكنون علمها ، وعجايب فوائد ما أوحى الله به إليها ، مما لا يوجد أبدا عند غير الأوصياء. من ذلك ما كان يوجد عند وصي موسى ، وعند وصي عيسى عليهماالسلام ما لا يوجد عند غيرهم من أهل دهرهم. ومن ذلك ما وجد عند وصي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم علي بن أبي طالب رحمة الله عليه ، من ذلك ما أجاب به في مسائل الجاثليق ، ومن ذلك ما كان عنده من علم كتاب الجفر ، وما كان عنده من علم ما يكون إلى يوم القيامة ، مما أطلع الله عليه نبيه ، وأطلع نبيه وصيه ، لم يعلمه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحد غيره ، ولم يقع عليه سواه ، فهذا الذي لم يوجد عند غير الأوصياء من أهل مللهم فهو علم الأوصياء المبين لها ، والدليل الدال بالوصية عليها.
استحقاق الأئمة وعلمهم
وكذلك الأئمة الهادون الداعون إلى الله المرشدون ، بانت إمامتهم ، وثبت عقدها من الله لهم بخصال الاستحقاق ، وبالعلم والدليل الذي بانوا به من غيرهم ، وامتازوا به عن مشاركة أهل دهرهم.
فأما الاستحقاق فهو ولادة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والعلم والورع والزهد ، والدعاء إلى الله ، وتجريد السيوف ، وخوض الحتوف ، وفض الصفوف ، ومجاهدة الألوف ، ورفع الرايات ، ومباينة (٤٢٦) الظالمين ، وإقامة الحدود على من استوجبها ، وأخذ أموال الله
__________________
(٤٢٦) في (ب) و (ج) : ومنابذة.