من مواضعها ، وردها في سبلها التي جعلها الله لها وفيها ، مع الرحمة والرأفة بالمؤمنين ، والشدة والغلظة على الفاسقين ، والشجاعة عند جبن الناس (٤٢٧) ، والمجاهدة للكافرين والمنافقين ، فهذا باب الاستحقاق للإمامة.
والعلم والدليل فهو توفيق الله وتسديده لوليه وتأييده ، وإيتاؤه اياه الحكمة (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) [البقرة : ٢٦٩](ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد : ٢١].
ودليل ذلك وعلمه الذي يدل على أنه قد آتى وليه الحكمة ما يظهر من الإمام من الأمور المعجزات لأهل دهره ، من حسن علمه ، ودقائق فهمه ، وحسن تعبيره ، وتمييزه والمعرفة بالتأني لتعليم رعيته ، وتفهيمها بما تحتاج إلي فهمه حتى يكون معه من الشرح لما يسأل (٤٢٨) عنه والتبيين لما يأتي به ، والاحتجاج فيه وعليه بالحجج البالغة ، والبراهين النيرة التي لا توجد عند غيره ، ولا ينال شرحها والاحتجاج بها سواه ، مع التأني لقبول عقول العالمين (٤٢٩) لما به يأتي من الحق المبين ، والأمر المنير ، مع استنباطه لعلم دقائق الكتاب ، ودقائق الحلال والحرام في كل الأسباب ، التي لا يقع عليها إلا من تولى الله اللطف له ، وتوحد بالهداية لقلبه ، ممن قلده أمر رعيته ، وحكم له بالإمامة على بريته.
وهذه الأشياء التي ذكرنا من حسن البيان ، والشرح ، وإيضاح ما يحتاج إليه من دقائق حسن التعبير ، وجيد التمييز الذي لا يوجد في سواه ، فهي (٤٣٠) العلم والدليل على إمامته وعقد الله سبحانه ما عقد له منها ، وذلك يا بني العلم الأكبر ، والدليل الأوفر على عقد الله الإمامة لمن كان ذلك فيه وعنده ولديه.
والحجة فيما قلنا به من أن هذا أكبر الأعلام والدلائل ، أن الله تبارك وتعالى تعبد الخلق
__________________
(٤٢٧) في (ج) : عند حين البائس ، وفي (ب) : عند البأس.
(٤٢٨) في (ج) : سئل.
(٤٢٩) في (ج) : المعلمين.
(٤٣٠) في (ج) : فهو.