بمسموع ومعقول ، فالمعقول : ما أدرك بالنظر والتمييز بالعقول ، والمسموع فهو ما يسمع (٤٣١) بالأذن من المسمع المؤدي من نبي ، أو وصي ، أو إمام مهتد. وإذا كان فرض الله ومتعبده لخلقه بالمسموع ، كانت حاجة السامع إلى تأدية المسمع لازمة ، إذ كانت حجة الاستماع على المستمع واجبة ، وإذا كان ذلك كذلك أحتاج الإمام المسمع للرعية إلى أن يكون في الكفاية ، والفهم بالشرح والتبيين ودقائق حسن التعبير وجيد التفصيل ، ومبين التفهيم ، والمعرفة بالتأني لتعليم الرعية وتفهيم البرية لما يحتاجون إليه على غاية ما يكون ؛ لأن ذلك كله تأدية عن الله لما افترض على الخلق من المسموع ، فإذا كمل في هذه الأشياء فقد كمل (٤٣٢) في التأدية عن الله لفرائضه المسموعة في كل معنى ، فلذلك قلنا إن حسن التأدية بلطائف التعبير ، وحسن الاستماع للسامعين في التأدية والتفسير ، أكبر أعلام الإمامة ، وأدل الدلائل على الحكمة التي يؤتيها الله أوليائه ، لأن من آتاه الله الحكمة فهو عند الله من أهل الولاية والمحبة ، ومن تولاه الله وأحبه فهو آهل الناس من الله بالإمامة ، وأولاهم منه سبحانه بالكرامة. فمن كان كذلك من ولد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو الإمام المفترض الطاعة الذي لا يجوز لأحد خذلانه ، ولا يسع رفضه ، ولا يؤمن بالله خاذله ، ولا يوقن بالوعد والوعيد تاركه.
فافهم يا بني هداك الله ما شرحنا لك من أعلام النبوة ودلائلها ، وأعلام الأوصياء ودلائلها ، وأعلام الأئمة ودلائلها التي تدل على عقد الله الإمامة لمن عقدها لهم والحكم منه سبحانه بها فيهم ، فقد شرحت ذلك لك شرحا مجملا ، وفسرت لك بعض ما تحتاج إليه تفسيرا كاملا ، فلا تلتفت إلى غير ما قلنا من أقاويل الهرّاجين (٤٣٣) ، وتعبث العبّاثين وزخاريف كلام المتكلمين ، وافتراق أقاويل الجاهلين ، ممن يقول : إن الإمامة بإجماع الرعية ، وقول من يقول : بل هي لما يوجد من الآثار المروية في الملاحم المذكورة ، وقول من يقول :
__________________
(٤٣١) في (ب) : سمع.
(٤٣٢) في (ج) : أكمل.
(٤٣٣) الهرج : كثرة الكذب. اللسان.