هي بالوراثة لولد بعد والد ، لا يلتفتون ويلهم لما تستحق به الإمامة من البينات ، والشواهد النيرات ، همج رعاع ، وللجهال أتباع ، لم يقتدوا بالحكمة فيعلموا بما به تحق الإمامة لصاحبها على الأمة ، قد جعلوا الحكم بها وفيها لغير من حكم الله ، وجعلوا الحكم بها إلى غير الله ، فركبوا من ذلك مركبا وعرا ، واكتسبوا به في الآخرة نارا وعارا ، اعتمدوا في أكبر أمور الله وفرضه من الإمامة على التقليد ، فقلدوا الحكم بها كبراءهم في كل الحالات ، وطلبوا إثباتها من أبواب الروايات ، جهلا بما عظم الله من قدرها ، وتصغيرا لما كبر الله من أمرها ، فتكمهوا بذلك في ظلم العمايات ، وغرقوا في بحور الجهالات (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧] فلا يبعد الله إلا من ظلم ، وأساء وغشم ، وحسبي الله فنعم المولى ونعم النصير ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فأمّا ما تقول الإمامية الضالة الهالكة العمية ، وتجتري به على الواحد الجليل ، فيما تذكر وتصف من العلم والدليل ، فقول لا يلتفت إليه عاقل ، ولا يشك في بطلانه إلا عم أحمق جاهل ، وذلك أنها زعمت وقالت فيما به تكلمت وذكرت : أن العلم والدليل في إمامها خلاف ما كان في نبي من أنبياء الأمم ، وأنه يأتي بما لم يأت به الأنبياء من بدع محالات في كل الأشياء ، ومن قال بمحال فليس يثبت له قول في حال من الحال ، فزعمت أنه يختم بخاتمه في الصفا ويؤثر فيقرأ نقش خاتمه فيها كما يقرأ في الشمع والطين ، وينادي فيما زعمت الإمامية في السماء مناد : «أن فلان بن فلان إمامكم الهادي المهدي» ، بورا في قولها ، وتعديا في أمرها ، وإحالة في حجتها ، وغلوا في دينها ، ولو كان ذلك يكون لأحد من العالمين ، لكان لمحمد خاتم النبيين ، ولو نادى في السماء مناد بنبوة النبي لما اختلف فيه من فراعنة قريش منصف ولا غوي (٤٣٤) ، فقولها قبحت أقوالها قول شاهد بالزور عليها في كل أحوالها ، لا يلتفت إليه أحد ، ولا يوجد لمتعلق به ملتحد ، فضيحة على من دخل فيه ، ومهتكة هاتكة لمن نسب إليه ، ولا دليل ولا علم ولله الحمد أدل ما به قلنا من دلائل الإمامة ، وشرحنا من معجزاتها التي فسرنا ، فاعلم ذلك علما يقينا ، وليثبت في قلبك ثباتا
__________________
(٤٣٤) يؤيده قوله تعالى : (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ).