باختيارهم ، وأنه سبحانه يقبل التوبة من تائبهم إذا تاب وأصلح وأخلص التوبة وراجع ، فلما كان منه ما كان من أكل الشجرة ذكر ما كان الله (٤٤٠) قد أعلمه من القبول للتوبة ، فقالا : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) [الأعراف : ٢٣] ، فهذه الكلمات التي تلقاها آدم من ربه صلوات الله عليه.
قصة سليمان عليه الصلاة والسلام
وسألته : عن قول الله سبحانه : (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) [ص : ٣٤]؟
فقال : معنى قوله : (فَتَنَّا سُلَيْمانَ) ، يقول : امتحناه. وإنما كان ذلك من أجل ما سألته ملكة سبأ من طلبها حين طلبت منه قربانا تقرب به على ما كانت تفعل في قديم أفعالها ، فسألته صلى الله عليه أن يأذن لها في بقرة فلم يجبها ، ثم سألته شاة فكره ذلك عليها ، ثم طيرا فأعلمها أن ذلك لا يحل لها ، فوقعت في صدرها جرادة ، فقالت : فهذه الجرادة ائذن لي فيها ، فتوهم وظن أنها مما لا إثم عليها فيها ، إذ كانت مما لا تقع عليه ذكاه ، فسكت ولم يمنعها عن ذلك ، فقطعت رأس الجرادة ، وأضمرت أنها قربان. فلما خرج صلى الله عليه يريد أن يتطهر على جانب البحر نزع خاتمه من يده ، وكان لا يتطهر حتى ينزع الخاتم من يده ـ وهذا الواجب على كل متطهر إذا أراد أن يتطهر من جنابة أو غيرها للصلاة أن ينزع خاتمه ، أو يديره في إصبعه حتى يصل الماء إلى البشر الذي يكون تحته ، وينقي من الدرن ما حوله ـ فلما نزع الخاتم ومضى لطهوره ، خرج حوت من البحر ، فابتلع الخاتم وذهب في البحر ، فلما فرغ سليمان من طهوره ، ونظر إلى الموضع الذي كان وضع فيه خاتمه فلم يجده ، فعلم أن ذلك بسبب قد أحدثه ، وأن الله سبحانه أراد بذلك فتنته ، فدعا الريح فلم تجبه ، ثم دعى الطير فلم تجبه ، ثم دعى الجن فلم تجبه لما
__________________
(٤٤٠) زيادة من (ب) و (ج).