أمّا الأوّل : فلما ذكرنا من استقلال العقل بعدم جواز الاستناد ما لم يعلم حجّيّته من قبل المولى.
وأمّا الثاني : فلأنّ التشريع المحرّم فيه قولان :
أحدهما : إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين ، وعلى هذا شموله لإسناد مؤدّى ما هو مشكوك الحجّيّة واقعا إلى المولى واضح ، لأنّه لم يعلم حجّيّته من قبل المولى ، فإدخاله في الدين يكون مصداقا للتشريع قطعا.
وثانيهما : أنّ له فردين : أحدهما : إدخال ما لم يعلم أنّه من الدين في الدين. والثاني: إدخال ما يعلم أنّه ليس من الدين فيه ، وعلى هذا فالأثر وإن كان مشتركا بين فردين : الواقع والمشكوك إلّا أنّ ترتّبه على المشكوك كاف في الحكم بعدم جواز إسناد مشكوك الحجّيّة إلى المولى ، وحينئذ فإذا كان الأثر ـ وهو عدم جواز الإسناد ـ مترتّبا على نفس الشكّ في الحجّيّة ، فأيّ فائدة في التعبّد ببقاء الواقع؟ ـ وهو عدم الحجّيّة ، الّذي كان واقعا سابقا قطعا ـ إذ لو لم يتعبّد بالبقاء أيضا نقطع بترتّب الأثر ، لكونه مشكوك الحجّيّة ، وفرضنا أنّ الأثر المترتّب من آثار نفس الشكّ ، فلا فائدة في التعبّد بالبقاء. وأيضا عدم الحجّيّة الفعليّة في مورد الشكّ فيها حاصل وجدانا ، فالتعبّد ببقائه تحصيل للحاصل ، وهو محال.
وبالجملة ، إذا كان مجرّد الشكّ كافيا في عدم الحجّيّة الفعليّة بالعلم الوجداني ، فيكون التعبّد بالبقاء ـ مع كونه لغوا ـ من أردإ أنحاء تحصيل الحاصل (١).
وبهذا وجّه كلام الشيخ ـ قدسسره ـ حيث منع عن التمسّك بالاستصحاب في
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٨٧ ـ ٨٨.