موضوعه ، بل متى تحقّق موضوعه يحكم العقل عليه على نحو القضايا الحقيقيّة ، فعلى هذا للشارع أن يتصرّف في ذلك ويضيّق أو يوسّع دائرة الموضوع بأن يخرج بعض الأفراد عن تحت الموضوع أو يدخله فيه.
مثلا : موضوع حكم العقل في قاعدة القبح إنّما هو عدم البيان ، ويمكن للشارع أن يبيّن الحكم حتى يخرج عن موضوع ذلك الحكم العقلي ، وهكذا يمكن أن يرخّص في الفعل والترك حتى يخرج عن تحت ذلك الموضوع ، وهو عدم البيان ، وحينئذ فالعقل أيضا يحكم بعدم العقاب على ما رخّص الشارع في فعله وترك ، لكن حكمه بالقبح ليس بملاك حكمه قبل الترخيص ـ وهو كون العقاب عقابا بلا بيان ـ بل بملاك آخر ، وهو كون العقاب عقابا على ما هو المأذون فيه من قبله ، وهو أيضا قبيح.
وفي المقام أيضا العقل وإن كان حاكما بعدم جواز الاستناد إلى مشكوك الحجّيّة وكذا عدم جواز إسناد مؤدّاه إلى المولى إلّا أنّه لا مانع للشارع أن يتصرّف في موضوع حكمه ـ وهو مشكوك الحجّيّة ـ ويتعبّدنا بعدم حجّيّته بمقتضى الاستصحاب ، وحينئذ فالعقل أيضا يحكم بعدم جواز الاستناد والإسناد لكن لا بملاك حكمه السابق ـ وهو كونه مشكوك الحجّيّة ـ بل بملاك آخر ، وهو كون حجّيّته مقطوعة العدم بالتعبّد الشرعيّ وبالاستصحاب.
والحاصل : أنّه لا مانع للشارع أن يتصرّف في موضوع حكم العقل إذا كان في طول حكمه ، وليس هذا لغوا ، إذ الأثر كان مترتّبا على موضوع حكم العقل مع عدم التعبّد الشرعي ، ومع التعبّد فالأثر مترتّب عليه لا على موضوع حكم العقل ، وهذا واضح ، فالتمسّك بالاستصحاب في المقام وأمثاله لا مانع منه من حيث تحصيل الحاصل واللغويّة.
نعم ، لو منع عن استصحاب عدم جعل الحكم الكلّيّ ، فلا يجري