الظنّ بالحكم الشرعي [فيها] ليست إلّا أقلّ قليل ، إذ كثيرا ما يرجع إلى اللغة ولا يحصل الظنّ بالحكم ، لاختلاف اللغويّين وكثرة المعاني التي ذكروها ، فموارد حصول الظنّ لا تلزم من إجراء الأصل فيها مخالفة قطعيّة.
وأمّا ثانيا : فلأنّه لو سلّمت كثرة موارد حصول الظنّ بالحكم الشرعي من قول اللغوي ، فكونها بأجمعها من الأحكام الإلزاميّة ممنوع ، بل كثيرا يكون الاحتياج في موارد الأحكام الترخيصيّة ، فلا يلزم من إجراء الأصل في تلك الموارد العلم بالمخالفة.
هذا ، ولو سلّمنا الصغرى ، فنمنع الكبرى ، إذ لا تنحصر مقدّمات الانسداد في هذه المقدّمة ـ وهي عدم جواز إجراء البراءة ـ حتى يقال بأنّ إجراءها في موارد الحاجة إلى اللغة موجب للمخالفة القطعيّة ، بل هناك مقدّمات أخر ، منها : عدم وجوب الاحتياط ، أو عدم جوازه ، وهذه المقدّمة لا تجري في المقام ، إذ لا يلزم من الاحتياط في تلك الموارد لا اختلال النظام ولا العسر والحرج ، لكونها في غاية القلّة ، فعلى هذا لا بدّ من الاحتياط.
نعم ، لو حصل الوثوق والاطمئنان من قول اللغوي بالحكم الشرعي لكان حجّة ، لأنّ الاطمئنان عند العرف بمنزلة القطع ، ويعاملون معه معاملته ، ولم يردع عنه الشارع ، فيكون حجّة لذلك ، لا من جهة أنّه حجّة بنفسه. هذا تمام الكلام في حجّيّة قول اللغوي.
* * *