الثلاثة دلّت الأدلّة على حجّيّة خبر الواحد ، ولا يعبأ باحتمال مخالفة قوله للواقع ، لأنّ منشأ الاحتمال أمران :
أحدهما : احتمال كذبه ، وهو ملغى لأجل اعتبار العدالة فيه.
والثاني : احتمال الغفلة والنسيان والخطأ والسهو ، وهذا الاحتمال ممّا لا يعتني به العقلاء في الأخبار الحسّيّة ونحوها ، ويكون مدفوعا ببناء العقلاء.
وأمّا إذا لم يكن الإخبار كذلك بأن يكون [المخبر به] من الأمور الحدسيّة البعيدة عن الإحساس ، التي لم تحرز تماميّة الملازمة بين الأسباب التي أخبر المخبر لأجلها وبين تلك الأمور عند نفسه ، فلا تدلّ تلك الأدلّة على حجّيّة ذلك الإخبار ، ولا بناء من العقلاء على عدم الاعتناء باحتمال خطئه ومخالفة قوله للواقع في هذا الفرض ، أي الخبر الّذي بهذا النحو ، فعلى هذا لو علمنا أو احتملنا أنّ مدّعي الإجماع يكون إخباره عن قول المعصوم في ضمن دعواه الإجماع عن حسّ بأن رأى المعصوم عليهالسلام يقول ذلك ثم ضمّ إلى قوله عليهالسلام قول العلماء فأخبر بالإجماع ، تكون دعواه الإجماع حجّة بلا إشكال ، لأنّه إخبار عن أمر حسّي لو حصل عندنا أيضا لحصل لنا القطع بقوله عليهالسلام ، وأمّا إذا لم نحتمل ذلك ، علمنا أنّ إخباره عنه مستند إلى حدسه ، فإن أحرزت تماميّة الملازمة بين المقدّمات التي لأجلها نقل الإجماع وبين المخبر به وهو قول الإمام عليهالسلام ، فالأمر كما ذكر في حجّيّة نقله بلا إشكال ، وإلّا لو لم يحرز ذلك فلا حجّيّة في نقله الإجماع ، حيث إنّ السبيل إلى دعوى الإجماع على النحو الأوّل منتف في أمثال زماننا ولم يدّعه أحد ، وعلى تقديره لا بدّ من تكذيبه عملا ، كما تدلّ عليه جملة من الأخبار ، ولا تفيد دعواه على النحو الثاني ، لأنّها مبنيّة على تماميّة الملازمة المدّعاة من العقليّة أو العاديّة وغيرهما ، وهي ممنوعة ، والشكّ في تماميّة الملازمة كاف في عدم حجّيّة نقله ، لما ذكرنا من أنّ الأدلّة الدالّة على