نهاية البعد ، وليست الإجماعات من هذا القبيل.
وأمّا إذا لم يحرز ذلك ، بل يحتمل أنّ فتوى المتقدّمين لأجل أصل أو قاعدة والمتأخّرين قد اعتمدوا في فتواهم على إجماعهم على حسب مبانيهم من قاعدة اللطف وغيرها ، فلا يكون الإجماع كاشفا عن دليل معتبر عندنا ، إذ لعلّ ما استند إليه المتقدّمون لم يكن حجّة ، والمفروض أنّ المتأخّرين لم يعتمدوا في فتواهم إلّا على إجماع السابقين ، فلا يكون إجماع الجميع كاشفا عن وجود الحجّة المعتبرة.
والظاهر أنّ الإجماعات المذكورة في الكتب من هذا القبيل ، والشاهد على ذلك أنّ السابقين على الشيخ ـ قدسسره ـ لم يكن الاستدلال متعارفا عندهم ، وإنّما كانوا يذكرون الفتوى مجرّدة ، كما في الرسائل العمليّة ، ويظهر ذلك من ملاحظة كتبهم ، فلعلّ مستند حكمهم ما ذكرنا ، واللاحقين له لم يذكروا في مقام الاستدلال إلّا إجماعات السابقين ، فيكون اتّكالهم على إجماعهم لا على مستندهم ، وإلّا لذكروا ذلك المستند في مقام الاستدلال ، وحينئذ تصير الإجماعات ـ كما ذكرنا غير كاشفة عن الدليل المعتبر ، فقد ظهر عدم حجّيّة نقل الإجماع ، لعدم كشفه عن رأي المعصوم ولا عن وجود حجّة معتبرة ، ولكن مع ذلك مخالفة الإجماع في غاية الإشكال ، فلا بدّ في موارده من التأمّل والتدبّر التامّ. هذا تمام الكلام في الإجماع المنقول.
* * *