بما وافق الكتاب والسنّة (١) ، ومن الواضح أنّها تدلّ على أنّها في فرض التعارض يجب أوّلا الأخذ بالمشهور ، سواء كان موافقا للكتاب والسنّة أو مخالفا لهما ، ثمّ بعد ذلك الأخذ بما كان راويه أعدل أو غير ذلك ، سواء كان موافقا للكتاب والسنّة أم لا ، وبعد ذلك تصل النوبة إلى الأخذ بالموافق لهما وطرح المخالف ، فالمخالف للكتاب من الخبرين المتعارضين قبل وصول العلاج إلى الموافقة والمخالفة يكون حجّة بحكم هذا الخبر إذا كانت روايته مشهورة أو راويه أعدل ، نعم بعد وصول النوبة إلى ذلك لا بدّ من الأخذ بالموافق دون المخالف ، فالأخبار المانعة عن العمل بالمخالف أو غير الموافق لهما إنّما تحمل على صورة التعارض ، كما ذكرنا ، فلا تدلّ على عدم الحجّيّة حتى في فرض عدم التعارض أو في بعض فروض المعارضة.
ومن الوجوه : الّذي يجري في أكثر تلك الأخبار ، وهو : الجمع بينهما دلالة ، فإنّه لو تنزّلنا عن جميع تلك الوجوه ، فنقول : إنّ الأخبار المانعة بعموماتها تدلّ على المنع عن العمل بالأخبار مطلقا ، كان راويها ثقة أو غير ثقة ، وأمّا الأخبار المجوّزة فتدلّ على حجّيّة خصوص خبر الثقة ، فهي أخصّ ، فتخصّص الأخبار المانعة بما إذا لم يكن الراوي ثقة ، وهذا أحسن الوجوه ويجري في أغلب الأخبار.
وتوهّم أنّ الأخبار المجوّزة أيضا أعمّ ، لشمولها لما كان له شاهد من الكتاب أو لم يكن ، فهي أعمّ من هذه الجهة من الأخبار المانعة ، مدفوع : بأنّ الموافق يجب العمل به لكن لا من جهة هذا الخبر ، بل من جهة موافقته للكتاب ، فما تشمله تلك الأخبار ليس إلّا خصوص المخالف لا الأعمّ ، فالنسبة
__________________
(١) غوالي اللئالي ٤ : ١٣٣ ـ ٢٢٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢.