القيد [إلى الموضوع] وبين كونها ذات مفهوم في المقام وإن كان بينهما منافاة في القسم الأوّل ، وذلك لأنّ الموضوع لم يكن مقيّدا من أوّل الأمر ، بل يكون في مرتبة سابقة على ورود الحكم عليه مطلقا بأن ورد الحكم المقيّد على الموضوع المطلق ، فصار مقيّدا ، فلا محذور في كونها ذات مفهوم.
ومن هذا القبيل : قوله عليهالسلام : «الماء إذا بلغ قدر كرّ لا ينجّسه شيء» (١) لأنّ الموضوع ـ وهو الماء ـ كان مطلقا قبل ورود الحكم عليه ، فحيث ورد عليه الحكم المقيّد فصار هو أيضا مقيّدا ، فصارت النتيجة أنّ الماء الكرّ لا ينفعل.
والآية من هذا القبيل ، فإنّ النبأ وإن كان في مرتبة سابقة على الحكم مطلقا إلّا أنّه بعد ورود الحكم المقيّد عليه صار مقيّدا ، فصارت النتيجة أنّ النبأ الّذي كان الجائي به فاسقا يجب تبيّنه ، فلا وجه للتوهّم المذكور أصلا.
وكأنّ المتوهّم غفل عن الملازمة بين رجوع القيد إلى الحكم ورجوعه إلى الموضوع.
وبما ذكرنا ظهر فساد ما ذكره صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ من أنّ الآية تدلّ على المفهوم ولو قلنا بأنّ الشرط مسوق لبيان تحقّق الموضوع ، لأنّها ظاهرة في انحصار الموضوع لوجوب التبيّن في خبر الفاسق ، ومقتضى الانحصار هو انتفاء الوجوب عند انتفاء هذا الموضوع ووجود موضوع آخر (٢).
وذلك لأنّه بعد تسليم أنّ الشرطيّة لبيان تحقّق الموضوع ما الوجه في دعوى ظهور القضيّة في الانحصار؟ وهل هذا إلّا من باب إثبات حكم لموضوع خاصّ وإجرائه لموضوع آخر؟
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ ـ ٤٠ ـ ١٠٧ و ٢٢٦ ـ ٦٥١ ، الاستبصار ١ : ٦ ـ ١ و ٢٠ ـ ٤٥ ، الوسائل ١ : ١٥٨ ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.
(٢) كفاية الأصول : ٣٤٠.