انفعال الماء مقيّد بكونه بالغا حدّ الكرّ ، فليس معناه إلّا أنّ الماء المقيّد بكونه كرّا لا ينفعل ، فلا يبقى الموضوع على إطلاقه بعد تقييد الحكم ، فلا معنى لأن يقال : إنّ النبأ الّذي هو الموضوع يبقى على إطلاقه مع تقيّد حكمه ـ وهو وجوب التبيّن ـ بمجيء الفاسق ، بل النبأ أيضا يصير لا محالة مقيّدا بمجيء الفاسق به ، فتكون النتيجة أنّ الحكم ـ وهو وجوب التبيّن ـ وارد على الحصّة الخاصّة من النبأ.
وببيان آخر : أنّ الحكم المعلّق على موضوع ـ ونعني بالموضوع الأعمّ من المتعلّق ، كالشرب في قولنا : «لا تشرب الخمر» ومن متعلّق المتعلّق ، وهو الّذي نسمّيه بالموضوع ، كالخمر في المثال ـ إذا كان في عالم الإنشاء والدلالة مشروطا بشرط ، ففي ظرف التحليل لا يخلو الأمر إمّا أن يكون ذلك الشرط ممّا يكون ذلك الحكم معلّقا عليه عقلا أم لا.
فعلى الأوّل : يكون ذلك الشرط أيضا من مقوّمات الموضوع وأجزائه ، ولا تكون الشرطيّة إلّا مسوقة لبيان تحقّق الموضوع ، فليس لها مفهوم إلّا على القول بمفهوم الوصف أو اللقب.
وأمّا على الثاني : فالشرط في عالم الإنشاء ليس من مقوّمات الموضوع ومحقّقاته ، بل هو راجع إلى الحكم ومن قيوده ، ويكون له المفهوم ، لأنّ تقييد الحكم بقيد معناه انتفاؤه عند انتفائه.
ولكن ما ذكرنا من انقسام الشرط إلى قسمين : قسم راجع إلى الموضوع وآخر راجع إلى الحكم إنّما يكون في عالم الإنشاء والدلالة بحسب التحليل العقلي ، وأمّا في عالم اللّبّ والواقع القيود راجعة إلى الموضوع وموجبة لتقيّده ، غاية الأمر قد ترجع إلى الموضوع أوّلا ، كما في القيود الموجبة لتحقّق الموضوع ، وقد ترجع إليه ثانيا بتبع رجوعه إلى الحكم ، ولا منافاة بين رجوع