يكون العامّ المحكوم موجبا لدخول موضوع الحاكم في موضوع نفسه ، وهو إصابة القوم بجهالة ، مع أنّ العامّ لا يتكفّل لإثبات موضوع نفسه ، بل يكون متكفّلا لإثبات الحكم على الفرد ، الثابتة فرديّة لموضوعه!؟
وبالجملة ، لا يعقل التعارض بين دليلي الحاكم والمحكوم ، ولا يمكن أن يكون دليل المحكوم مثبتا لفرديّة موضوع الحاكم لموضوع نفسه ، بل يتقدّم دليل الحاكم ، ومعه لا يبقى مجال لشمول موضوع المحكوم لموضوعه ، فانعقاد العموم للعامّ يتوقّف على عدم ظهور الشرطيّة بنفسها ، فهو في رتبة علّته ، ولا يعقل أن يكون ما هو في رتبة المعلول مانعا عمّا هو في رتبة علّته ، وهل هو إلّا دور واضح؟ بداهة أنّ معنى مانعيّته أن يكون عدم المفهوم مستندا إليه ، مع أنّ هذا كان في رتبة علّته ، فكيف يمكن أن يكون مستندا إلى ما هو في رتبة المعلول!؟
نعم ، كون عموم العامّ مانعا عن انعقاد المفهوم إنّما يصحّ في غير أمثال المقام الّذي لا تكون فيه بين المفهوم والعامّ نسبة الحاكميّة والمحكوميّة ممّا تكون فرديّة العامّ محرزة وجدانا ، سواء كان مفهوم أو لم يكن ، كما إذا قيل : «إن كان هذا رمّانا فلا تأكله ، لأنّه حامض» وفرضنا أنّه حامض آخر غير الرّمّان ، فإنّ فرديّة العامّ محرزة ولا تتوقّف على عدم المفهوم ، ففي مثله عموم العامّ يمنع عن انعقاد الظهور للشرط في المفهوم (١). هذا جملة ما أفاده في المقام مع توضيح.
وما ذكره في الوجه الثاني في غاية المتانة والجودة (١) ، وبه يندفع ما عن
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ١٠٥.
(٢) أقول : لا يمكن المساعدة عليه ، لأنّه لو كان مفاد مفهوم الآية أنّ خبر العادل لا يحتاج ـ