بعض المحقّقين ـ قدسسره ـ من أنّ عموم العامّ يتوقّف على عدم ثبوت المفهوم ، وثبوت المفهوم أيضا يتوقّف على العموم في التعليل ، فيلزم الدور.
وذلك لما ذكرناه من أنّ العموم وإن كان يتوقّف على عدم المفهوم إلّا أنّ ثبوت المفهوم لا يتوقّف على العموم في التعليل ، بل ظهور التعليل لا يمكن أن يكون مانعا عن انعقاد المفهوم ، لما ذكرنا من كونه حاكما عليه ، وهذا ظاهر.
وأمّا الوجه الأوّل : فهو غير تامّ.
أمّا أوّلا : فلما ذكرنا في العامّ والخاصّ من أنّ دلالة العامّ على العموم إنّما هي بالوضع ، ولا تتوقّف على إجراء مقدّمات الحكمة في المدخول ، لأنّ نفس أداة العموم تدلّ على التساوي في أفراد المدخول ، وأنّه لا مدخليّة لخصوص فرد في ذلك ، فحينئذ لا بدّ من تقديمه على المفهوم الّذي تكون دلالته بالإطلاق فيما إذا كان في كلام متّصل ، كما في المقام ، لا في المنفصل ، لاحتياج الجملة الشرطيّة في دلالتها على الانحصار إلى عدم البيان ، والعامّ يصلح لأن يكون بيانا له ، ويثبت عدلا للشرط.
نعم ، إذا كان العموم في جملة مستقلّة منفصلة ، فيقدّم المفهوم عليه ، لأنّ المفهوم لأخصّيّته قرينة على المراد في العامّ ولو كان عمومه بالوضع ، لما
__________________
ـ إلى التبيّن ، لأنّه بنفسه علم وتبيّن ، لكان لحكومة المفهوم على التعليل وجه ، ولكنّه ليس كذلك ، فإنّ المفهوم ليس إلّا أنّ خبر العادل لا يحتاج إلى التبيّن ، وأمّا وجه ذلك ما ذا؟ فالمفهوم ساكت عنه. ولعلّه لاحترام العادل.
ويشهد على ما قلناه أنّ من لا يقول بأنّ المجعول في الأمارات هو الوسطيّة في الإثبات وتتميم الكشف ـ الّذي هو مبنى الحكومة ـ أيضا يقول بعدم وجوب التبيّن ، فعدم وجوب التبيّن عند خبر العادل ـ وهو مبنى حجّيّة خبر العادل ـ أعمّ من كونه علما ، ويحتاج إلى دليل آخر مفقود ، فالوجه الثاني المذكور في كلام المحقّق النائيني ـ وهو حكومة المفهوم على التعليل ـ غير صحيح. (م).