تصرّف في الموضوع ، أو بالتصرّف في الموضوع توسعة ، كما في «الطواف بالبيت صلاة» أو تضييقا ، كما في «لا شكّ لكثير الشكّ».
الثالث : أن لا يكون الدليل شارحا ولا ناظرا ، بل كان مثبتا لفرد الموضوع ومتكفّلا لتطبيقه على فرد من الأفراد الخارجيّة ، أو نفي تطبيقه عليه ، فالموضوع باق على ما كان عليه من الأفراد ، وإنّما يوجب الدليل الحاكم تطبيق الموضوع على فرد وعدمه ، كما في حكومة الأمارات على الواقع ، فإنّ البيّنة إذا قامت على خمريّة مائع تكون حاكمة على الواقع ، أي توجب تطبيق الخمر الواقعي عليه ، وكذلك الحال في حكومة الأمارات على الأصول العمليّة ، فإنّها ترفع الشكّ الّذي يكون موضوعا للأصول تعبّدا ، وتقول : «أيّها المكلّف الّذي تخيّلت أنّك شاكّ اعلم بأنّك لست بشاكّ في حكم الشارع» وهكذا الأمر في حكومة الأصول السببيّة على الأصول المسبّبيّة ، فإنّ استصحاب الكرّيّة في الماء المشكوك كرّيّته يوجب رفع الشكّ في نجاسة الثوب المغسول به ، وجعله متيقّنا بطهارته بعد العلم بنجاسته سابقا ، فيوجب نفي فرد عن الاستصحاب المسبّبي ، وهو نجاسة الثوب.
وبعد ذلك نقول : إنّ التعدّد في دليلي الحاكم والمحكوم إنّما يعتبر في القسمين الأوّلين من الحكومة ، فإنّ لازم شرح أحد الدليلين للآخر أو نظره إليه أن يكون متعدّدا ، وأمّا في القسم الأخير فلا يعتبر ذلك ، فإنّ الدليل في الأصل السببي والمسبّبي واحد ، وهو قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشكّ» (١) مع أنّ الأصل الجاري في أحدهما حاكم على الأصل الجاري في الآخر ، وليس هذا إلّا لكون الحكومة إنّما هو بالمعنى الثالث ، أي تطبيق الموضوع على فرد ، والمقام
__________________
(١) التهذيب ١ : ٨ ـ ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١.