ويوجب اضمحلال المقتضي ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الكتمان راجع إلى أمر هو في نفسه ظاهر وبيّن بحيث لو لا المانع لظهر بنفسه ، ومن الواضح أنّ الشيء بعد ظهوره ووضوحه لا يحتاج في تصديقه إلى التعبّد بقول المظهر ، فكم فرق بين إظهار ما خفي في نفسه وإظهار ما ظهر بنفسه ولكنّه خفي بالكتمان ، فإنّ الأوّل حيث إنّه لا يصير ظاهرا أو معلوما بإظهار المظهر ـ كالحمل ـ يحتاج إلى التعبّد بوجوب القبول ، وإلّا يصير وجوب الإظهار لغوا ، والثاني حيث إنّه يصير معلوما وظاهرا بإظهار المظهر ويرتفع المانع من ظهوره ، فلا معنى للتعبّد به بعد ظهوره ومعلوميّته.
الثاني : أنّ حرمة الكتمان في باب الحمل ليس لها أثر إلّا وجوب القبول عند إظهاره ، بخلاف المقام ، فإنّ حرمة الكتمان تترتّب عليها فائدة أخرى أيضا ، ولا ينحصر أثرها بوجوب القبول ، وهي : أنّ يظهر كلّ من عنده الخبر والواقعة حتى يحصل العلم بذلك ، كواقعة غدير خمّ ، فعلى كلّ أحد يجب الإظهار ، لهذه الحكمة والمصلحة.
لا يقال : إنّ لازمه عدم وجوب الإظهار إذا انحصر من عنده الخبر والواقعية بعدد لا يحصل العلم به ، وهذا خلاف إطلاق الآية.
فإنّه يقال : حصول العلم للسامعين ليس علّة للحكم حتى يدور الحكم مدارها وجودا وعدما ، بل هو حكمة (١) ، فلا مانع من عدم اطّرادها ، كما في باب
__________________
(١) أقول : إن كان بين العلّة والحكمة فرق كما قيل ، فهذا الجواب صحيح ، ولكنّ الفرق بينهما غير صحيح ، فإذا كان شيء في لسان الدليل غاية ، فهو علّة ، سواء كانت موجودة أم لا. نعم ، عبّروا عن العلّة فيما إذا انتفت وكان الحكم موجودا عند الكلّ ـ كما في مورد العدّة ونظائرها ـ بالحكمة ، وهذا اصطلاح محض في موارد خاصّة للفرار عن لزوم تحقّق المعلول بلا علّة ، فالفرق بينهما صرف اصطلاح ، ولا ضابطة في تشخيص العلّة عن ـ