للمؤمنين ، بل قرنه بالتصديق بالله ، وإذا كان التصديق حسنا كان واجبا ، فيجب تصديق الجائي بالخبر إذا كان مؤمنا.
وفيه : أنّ المراد بتصديقه صلىاللهعليهوآله للمؤمنين ليس قبول قولهم تعبّدا من دون حصول العلم بصدقهم وترتيب آثار الواقع على كلّ ما سمعه صلىاللهعليهوآله منهم بدون ذلك ، لأنّ مورد الآية هو تصديق النبي صلىاللهعليهوآله لقول النمّام الّذي أخبر الله تعالى بنميمته ، فصدّقه وأحضر النمّام وسأله فأنكر وحلف على ذلك فقبل منه النبي صلىاللهعليهوآله وصدّقه في ذلك مع علمه صلىاللهعليهوآله بكونه كاذبا ، وكيف يمكن مع ذلك أن يترتّب آثار الواقع على قوله!؟ فمدحه بتصديقه للمؤمنين كان من جهة حسن ظنّه بهم وعظم خلقه حيث كان لهم يتّهم الكاذب ولا يعارضه بكذبه ولا يخجله بين الناس بأن يقول له : «أنت كاذب في كلامك» بل كان يعامل معه بحسب الظاهر معاملة المصدّق ويظهر القبول منه بما ينفعه ولا يضرّ غيره ، ولا يكذّبه ولا يؤذيه في الظاهر ، كما هو مقتضى قوله عليهالسلام : «يا محمد (١) كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ، فإن شهد عندك خمسون قسامة أنّه قال قولا ، وقال : لم أقله ، فصدّقه وكذّبهم» (٢) الخبر ، فإنّه لا معنى لتصديق الواحد مع شهادة خمسين قسامة على خلافه إلّا ما ذكر من إظهار القبول منه وتصديقه بما ينفعه ولا يضرّهم ، كما أنّ المقصود من تكذيبهم تكذيبهم فيما يضرّه ولا ينفعهم ، لا ترتيب آثار الصدق واقعا عليه والكذب عليهم.
ثمّ إنّ شيخنا العلّامة الأنصاري ـ أعلى الله مقامه ـ استشهد لذلك بتغيير الأسلوب واختلاف السياق في الآية حيث عبّر عن تصديقه تبارك وتعالى
__________________
(١) هو محمد بن الفضيل الراوي عن الإمام أبي الحسن الرضاع.
(٢) الكافي ٨ : ١٤٧ ـ ١٢٥ ، عقاب الأعمال : ٢٩٥ (باب عقاب الذين.). الحديث ١ ، الوسائل ١٢ : ٢٩٥ ، الباب ١٥٧ من أبواب أحكام العشرة ، الحديث ٤.