مع أنّ الثمرة بين القول بالحجّيّة وعدمها إنّما تظهر فيهما ، فلم تثبت حجّيّة الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة للشيعة ووجوب العمل بها مطلقا ولو كان في قبالها أصل عملي مخالف لها. هذا كلّه في الأصول العمليّة التي تكون في مواردها.
أمّا الأصول اللفظيّة التي تكون في مواردها ونقطع باعتبارها من كتاب أو سنّة متواترة أو خبر محفوف بالقرينة القطعيّة ، فإن كانت موافقة لمضمون الخبر ، فلا كلام.
وإن لم تكن موافقة له ، فذهب صاحب الكفاية ـ قدسسره ـ إلى وجوب العمل بمقتضى الأصل اللفظي من عامّ أو إطلاق أو خاصّ أو مقيّد ، فلو كان هناك أصل لفظي أيّا ما كان ، قطعي الاعتبار ، دالّ على خلاف ما تضمّنه الخبر الواحد ، يرفع اليد عن الخبر ، ويعمل على طبق الأصل مطلقا ، سواء كان مثبتا للتكليف أو نافيا ، فيخصّص أو يقيّد لو كان الخبر عامّا أو مطلقا ، ولا يخصّصه ولا يقيّده لو كان الأصل كذلك ، وكلّ ذلك لأجل أنّ ظواهر الكتاب وما في حكمها حجّة يجب العمل بمقتضاها ما لم تقم حجّة أقوى على خلافها ، والمفروض أنّ الخبر لم تثبت حجّيّته بالخصوص ، وإنّما وجب العمل به من جهة كونه طرفا للعلم الإجمالي ، فلا يقاوم ما يكون حجّة بالخصوص (١) ، هذا.
والحقّ أنّ ما أفاده ـ قدسسره ـ على إطلاقه ليس بسديد ، وأنّ حال الأصول اللفظيّة بعينها حال الأصول العمليّة بلا تفاوت بينهما في محلّ الكلام ، والكلام هو الكلام ، فكما لا يجري الأصل العملي النافي للتكليف في مورد العلم الإجمالي بالتكليف ، للزوم المخالفة القطعيّة العمليّة ، والترخيص في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢٧٤.