وما يكون نافيا للتكليف من هذه الأخبار ، فإن كان الأصل العملي في مورده موافقا له بأن يكون نافيا للتكليف ، ففي هذا الفرض أيضا لا تفاوت بين القولين ، ولا تظهر ثمرة في البين ، إذ كلّ من الفريقين يعمل على طبق مضمون الأخبار.
وإن كان الأصل العملي في مورده مخالفا له بأن يكون مثبتا للتكليف ، فإن كان الأصل في جميع الأطراف من الأصول غير التنزيليّة كقاعدة الاشتغال ، فلا إشكال في جريانه في أطراف العلم الإجمالي ، لأنّه لا تلزم منه مخالفة قطعيّة عمليّة ، إذ المفروض أنّ المعلوم بالإجمال هو الحكم الترخيصي ، فلا يلزم من جريان الأصل في جميع الأطراف الترخيص في المعصية ، فمقتضى ما أفاده هذا المستدلّ من وجوب الاحتياط في جميع ما بأيدينا من الأخبار هو العمل على مقتضى الأصل في هذا الفرض ، ورفع اليد عمّا دلّت عليه الأخبار.
وإن كان الأصل في جميع الأطراف من الأصول التنزيليّة ، كالاستصحاب ، أو كان في بعض الأطراف كذلك وفي بعضها من غيرها ، فإن بنينا على جريانها في أطراف ما علم إجمالا بانتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف ـ كما هو الحقّ ، وذهب إليه صاحب الكفاية (١) قدسسره ـ ففي هذا الفرض أيضا يجب رفع اليد عن الأخبار النافية للتكليف ، والعمل بمقتضى الأصل الجاري في مورده.
وإن أنكرنا ذلك ـ كما أنكره الشيخ (٢) قدسسره ، ووافقه شيخنا الأستاذ (٣) قدسسره ـ فيجوز العمل على طبق مضامين تلك الأخبار ، ففي الفرض السابق والفرض الأخير على أحد التقديرين رفعنا اليد عن تلك الأخبار ، وقدّمنا الأصل العملي
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٣ ـ ٣١٤ وهامش ٣١٤ ، وص ٤٠٧ ـ ٤٠٨.
(٢) فرائد الأصول : ٢١.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ٤٩ ـ ٥٣.